للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قصد القتل اختار الآلة الملائمة للفعل والتى تستعمل غالبًا كالسيف والبندقية والعصا الغليظة، وإن قصد الضرب دون القتل اختار الآلة الملائمة لقصده كالضرب بالقلم أو العصا الخفيفة أو السوط.

فاستعمال الآلة القاتلة غالبًا هو المظهر الخارجى لنية الجانى، وهو الدليل المادى الذى لا يكذب فى الغالب، لأنه من صنع الجانى لا من صنع غيره، ومن ثم اشترط الفقهاء أن تكون الآلة أو الوسيلة قاتلة غالبًا لأن توفر هذه الصفة فيها دليل على أن الجانى قصد قتل المجنى عليه واستغنوا بهذا الشرط الدال على قصد القتل عن مدلول الشرط أى أنهم أقاموا الدليل مقام المدلول فلم يعد بعد هذا ما يدعو لاشتراط قصد القتل؛ لأن اشتراط أن تكون الآلة قاتلة غالبًا يغنى عن اشتراط القصد، ولهذا لا نجد فى كتب الفقه كتابًا يعرِّف القتل العمد أو شبه العمد فيذكر قصد القتل فى التعريف إلا نادرًا، وإنما يذكر القصد فى مناسبات أخرى، وأخصها بيان الفرق بين العمد وشبه العمد، وتعليل تسمية شبه العمد بهذا الاسم أنهم يصرحون بأن شبه العمد لا يشترط فيه قصد القتل، وأن هذا هو ما يميزه عن العمد، لأنهم يرون أن العمد هو ما قصد فيه الفعل والقتل، وأن شبه العمد ما قصد فيه الفعل دون القتل، ولذلك سمى الخطأ العمد أو عمد الخطأ؛ لأنه عمد فى الفعل خطأ فى القصد.

ونستطيع أن نعرض عينة من أقوال الفقهاء فى هذا الموضوع: فمثلاً يعرَّف الزيلعى - وهى حنفى المذهب - القتل العمد فلا يذكر شيئًا عن قصد القتل، ولكنه يجتهد فى بيان أنه تعمد الفعل بما يقتل غالبًا من وسائل معدَّة للقتل فإذا عرف شبه العمد قال: إنه تعمد الضرب بما لا يقتل غالبًا، وأنه سمى بشبه العمد لأن فيه قصد الفعل لا القتل (١) .

ويعرف صاحب بدائع الصنائع - وهو حنفى المذهب - القتل العمد فلا يذكر شيئًا - كما فعل الزيلعى - عن قصد القتل ولكنه حين يتكلم عن شرائط القصاص يقول: إن القاتل عمدًا يجب أن يكون متعمدًا القتل قاصدًا إياه (٢) .

ويعرف صاحب المهذب - وهو


(١) الزيلعى ج٦ ص٩٨ , ١٠٠.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٣ , ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>