للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجريمة الإيجابية: تتكون من إتيان فعل منهي عنه كالسرقة والزنا والضرب.

والجريمة السلبية: تتكون من الامتناع عن إتيان فعل مأمور به، كامتناع الشاهد عن أداء الشهادة والامتناع عن إخراج الزكاة. وأكثر الجرائم إيجابية وأقلها الجرائم السلبية.

٥٨ - الجريمة الإيجابية تقع بطريق السلب: ومن المتفق عليه بين الفقهاء أن الجريمة الإيجابية قد تقع بطريق السلب، فإذا وقعت على هذا الوجه استحق فاعلها العقوبة، فمن حبس إنساناً ومنعه الطعام أو الشراب أو الدفء في الليالي الباردة حتى مات جوعاً أو عطشاً أو برداً فهو قاتل عمداً إن قصد بالمنع قتله، وذلك ما يراه مالك (١) والشافعي (٢) وأحمد (٣) ، أما أبو حنيفة (٤) فلا يرى الفعل قتلاً، لأن الهلاك حصل بالجوع والعطش والبرد ولم يحصل بالحبس، ولا صنع لأحد في الجوع والعطش والبرد، ولكن أبا يوسف ومحمداً يريان الفعل قتلاً عمداً، لأنه لا بقاء لآدمي إلا بالأكل والشرب والدفء. فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش والبرد على الممنوع يكون إهلاكاً له.

والأم التي تمنع ولدها الرضاع قاصدة قتله تعتبر قاتلة عمداً، ولو أنها لم تأت بعمل إيجابي (٥) .

ومن منع فضل مائه مسافراً، عالماً بأنه لا يحل له منعه، وأنه يموت إن لم يسقه،


(١) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٥.
(٢) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٣٩.
(٣) المغني ج٩ ص٣٢٧.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٤، البحر الرائق ج٨ ص٢٩٥.
(٥) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>