للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُّتَعَمِّدًا} [النساء: ٩٣] ، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئا} [النساء: ٩٢] . أما أبو حنيفة والشافعى وأحمد فيقولون بالقتل شبه العمد ويرون أن القتل على ثلاثة أنواع: عمد وشبه عمد، وخطأ، ويحتجون بقوله عليه الصلاة والسلام: "ألا إن فى قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل"، وبأن عمر وعليًا وعثمان وزيد بن ثابت وأبا موسى الأشعرى والمغيرة قالوا بالقتل شبه العمد ولا مخالف لهم من الصحابة، كما يحتجون بأن القصد مسألة تتعلق بنية الجانى، ولا يطلع على النيات إلا الله تعالى، وإنما الحكم يدار على الظاهر وليس أدل على النية وأكثر إظهارًا لها من الآلة المستعملة فى القتل، فمن قصد ضرب آخر بآلة تقتل غالبًا كان حكمه كحكم الغالب أى حكم من قصد القتل، ومن قصد الضرب بآلة لا تقتل غالبًا كان حكمه مترددًا بين العمد والخطأ ففعله يشبه العمد لأنه قصد ضربه ويشبه الخطأ لأنه ضرب بما لا يقتل غالبًا وما لا يقتل غالبًا يدل على أنه لم يقصد القتل (١) , ولذلك سمى هذا النوع من القتل بشبه العمد (٢)

؛ لأنه يمثل القتل العمد فى كل شىء ولا يختلف عنه إلا فى قصد الجانى، والمفروض أن مرتكب القتل العمد يعتدى على المجنى عليه بقصد قتله، أما مرتكب القتل شبه العمد فيعتدى على المجنى عليه بقصد الاعتداء دون أن يفكر فى قتله (٣) , فالفرق بين النوعين هو فى نية الجانى التى يستدل عليها بالآلة المستعملة فى الجريمة ومن ثَمَّ تشابه القتلان تشابهًا شديدًا دعا لتسمية أحدهما بالقتل شبه العمد إذا كان الثانى يسمى بالقتل العمد.

١٠٢ - يعرف الحنفيون شبه العمد بأنه: ما تعمدت ضربه بالعصا أو السوط أو الحجر أو اليد أو غير ذلك ما يفضى إلى الموت، فإن فى هذا الفعل معنيين: أولهما: معنى العمد باعتبار قصد الفاعل إلى الضرب، وثانيهما: معنى الخطأ


(١) يعبر أبو حنيفة عن هذه الفكرة بقوله: إن القتل بآلة غير معدة له دليل عدم القصد لأن تحصيل كل فعل بالآلة المعدة له فحصوله بغير ما أعد له دليل عدم القصد.
(٢) بداية المجتهد ج٢ ص٣٣٢ , ٣٣٣..
(٣) راجع الفقرة ٨٩ من هذا الجزء لتفهم جيداً الفرق بين العمد وشبه العمد فى القصد.

<<  <  ج: ص:  >  >>