للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم دون غيره.

١٢٤ - وما جاء فى الشريعة عن الخطأ يتفق مع ما جاء فى القوانين الوضعية بعينه. وإذا كان شراح القوانين لا يقسمون الخطأ هذه التقاسيم ويكتفون بإدراجها كلها تحت لفظ الخطأ كما فعل بعض الفقهاء إلا أن ما تعتبره القوانين خطأ لا يخرج عن نوع من الأنواع التى ذكرها فقهاء الشريعة.

١٢٥ - والظاهر من تتبع أمثلة الفقهاء أن الجانى يكون مسئولاً كلما كان الفعل والترك نتيجة إهمال أو تقصير أو عدم احتياط وتحرز أو عدم تبصر أو مخالفة لأمر السلطات العامة أو الشريعة ومن ثَمَّ يكون أساس جرائم الخطأ فى الشريعة هو نفس الأساس الذى تقوم عليه هذه الجرائم فى القوانين الوضعية وبصفة خاصة القانونين المصرى والفرنسى وسنعرض فيما يأتى أمثلة مما يراه فقهاء الشريعة خطأ تأييدًا لما قلناه.

١٢٦ - ويسير الفقهاء عامة على قاعدتين (١) عامتين يحكمان مسئولية الجانى فى الخطأ وبتطبيقهما نستطيع أن نقول إن شخصًا ما أخطأ أو لم يخطئ.

القاعدة الأولى: كل ما يلحق ضررًا بالغير يسأل عنه فاعله أو المتسبب فيه إذا كان يمكن التحرز منه، ويعتبر أنه تحرز إذا لم يهمل أو يقصر فى الاحتياط والتبصر، فإذا كان لا يمكنه التحرز منه إطلاقًا فلا مسئولية.

القاعدة الثانية: إذا كان الفعل غير مأذون فيه (غير مباح) شرعًا وأتاه الفاعل دون ضرورة ملجئة فهو تعدٍّ من غير ضرورة وما تولد منه يسأل عنه الفاعل سواء كان مما يمكن التحرز عنه أو مما لا يمكن التحرز عنه.

١٢٧ - (١) من كان يمشى فى الطريق حاملاً خشبة فسقطت منه على إنسان فقتلته فهو مسئول عن قتله لأنه يستطيع أن يتحرز ويحتاط فلم يفعل، ولكن الغبار الذى يثيره رمى الإنسان فى الطريق إذا جاء فى عين إنسان فأتلفها لا يسأل عنه الماشى لأن إثارة الغبار عن المشى مما لا يمكن التحرز منه.


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٧١ , ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>