للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعض أن لا عقاب على فعل مكروه أو ترك مندوب إطلاقاً (١) ورأى البعض العقاب على فعل المكروه وترك المندوب (٢) كلما دعت إلى ذلك المصلحة (٣) .

والذين يرون العقاب على ترك المندوب وإتيان المكروه يشترطون أن يتكرر الترك أو الإتيان، فإذا لم يتكرر فلا عقاب، وإذن فهم لا يجعلون العقاب على الفعل أو الترك في ذاته، وإنما يجعلون العقاب على التكرار الذي يدل على أن الجاني جعل الفعل أو الترك عادة وإلفاً له، ويعتبرون أن العادة قد تكونت إذا حصل الفعل أو الترك مرة ثانية، أي أن العادة عندهم تتكون من مرتين (٤) ، وعلى هذا فكل مكروه أو مندوب عوقب عليه فهو من جرائم العادة.

٦٣ - أهمية هذا التقسيم: تظهر أهمية تقسيم الجرائم إلى جرائم بسيطة وجرائم اعتياد من الوجوه الآتية:

أولاً: من حيث مبدأ سريان التقادم: في الجرائم البسيطة تبدأ المدة المسقطة للدعوى من يوم ارتكاب الجريمة إن كانت مؤقتة، ومن يوم انتهاء الحالة المحرمة إن كانت غير مؤقتة. أما في جرائم العادة فالمدة المسقطة تبدأ من تاريخ وقوع الفعل الأخير المكون للعادة.


(١) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج٣ ص٢١، ٢٢، الإقناع ج٤ ص٢٧٠، ٢٧١، مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٠، بدائع الصنائع ج٧ ص٦٣.
(٢) المصطفى للغزالي ص٧٥، ٧٦، تحفة المحتاج ج٨ ص١٨، مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٠، تبصرة الحكام ج٢ ص٢٥٩، ٢٦٠، الأحكام السلطانية ص٢١٢.
(٣) يطلق بعض هذا الفريق عبارته بحيث توهم أن إتيان المكروه وترك المندوب يعاقب عليه بصفة مطلقة ولكنهم في الواقع لا يقصدون هذا؛ لأن القاعدة العامة في التعزير أنه مقيد بالمصلحة العامة، ولذلك أجيز لولي الأمر في جرائم التعزير العفو عن العقوبة، وعلى هذا تكون تلك العبارات المطلقة مقيدة بهذه القاعدة العامة.
(٤) مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٠، الأحكام السلطانية ص٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>