للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشاركوا فى القتل عادين متعمدين فعليهم عقوبة القصاص؛ لأن كل إنسان يؤاخذ بفعله ولا أثر لفعل غيره عليه. وهذا هو الرأى المرجوح فى مذهبى مالك وأحمد.

وقد اتفق الفريق الأول فى تطبيق القاعدة التى أقرها على العامد مع المخطئ فأجمع على عدم القصاص من شريك المخطئ ولو كان عامدًا، ولكنهم اختلفوا فيما عدا ذلك وأساس اختلافهم هو تطبيق القاعدة لا غير، فمنهم من رأى تطبيقها فى كل حالة لا يعاقب فيها أحد الشركاء وهؤلاء هم الحنفية أو بعض فقهاء المذاهب الأخرى، ومنهم من رأى تطبيقها فقط إذا كان فعل المعفى غير متعمد فإن كان متعمدًا فلا تنطبق القاعدة.

ومن المسائل التى اختلفوا عليها شريك نفسه وشريك السبع، فأبو حنيفة يرى أن لا قصاص على الشريك لأنه شارك من لا يجب عليه القصاص فلا يلزمه القصاص كشريك المخطئ، ويرى هذا الرأى أيضًا بعض فقهاء المذاهب الثلاثة، أما البعض الآخر فيرى القصاص على الشريك لأنه شارك من فعله عمد.

الحالة الثانية: امتناع القصاص لصفة فى الفاعل: تختلف هذه الحالة عن الحالة الأولى فى أن القصاص هنا يمتنع عن أحد القاتلين لصفة فيه لا لصفة فى الفعل، وهذه الصفة المتوفرة فى الفاعل يترتب عليها شرعًا أن لا يعاقب بالقصاص، ومثال ذلك اشتراك الأب فى قتل ولده مع أجنبى فإن الأب لا يقتص منه لقتل ولده لصفة الأبوة القائمة فيه. ومثاله أيضًا أن يقطع شخص يد آخر قصاصًا أو دفاعًا عن نفسه فيجئ ثالث ويجرح المقطوع جرحًا يؤدى مع القطع إلى موته، فإن المقتص أو الدافع لا قصاص عليهما لصفة القصاص والدفاع المتوفرة فيهما والتى يترتب عليها شرعًا امتناع القصاص منهما.

وقد اختلف الفقهاء فى حكم هذه الحالة أيضًا: فأبو حنيفة يرى أن امتناع القصاص فى حق أحد الشركاء يترتب عليه منع القصاص فى حق الآخرين لاحتمال أن يكون القتل من فعل المعفى من القصاص وهذا الاحتمال شبهة تدرأ الحد عمن

<<  <  ج: ص:  >  >>