أفعال من نوع واحد تنفيذاً لغرض جنائي واحد؛ فيسرق أمتعة من مسكن على عدة دفعات، أو يضرب شخصاً ضربات متعددة، وحكم هذه الأفعال المتعددة المتلاحقة طبقاً للشريعة الإسلامية أنها جريمة واحدة ويعاقب عليها بعقوبة واحدة، فمن سرق منزلاً على دفعتين أو أكثر يعتبر مرتكباً لجريمة سرقة واحدة. ومن ضرب شخصاً أكثر من ضربة يعتبر مرتكباً لجريمة ضرب واحدة.
٦٦ - الفرق بين الأفعال المتلاحقة وجريمة العادة والجريمة غير المؤقتة: تختلف الأفعال المتلاحقة عن جريمة العادة في أن الأفعال المتعددة المكونة لجريمة العادة لا يعاقب على فعل واحد منها لأنه لا يكون الجريمة، أما في الأفعال المتلاحقة فيعاقب على أي فعل منها، لأنه يكون الجريمة دون حاجة لوقوع غيره، فمن انتوى أن يسرق بيتاً على عدة مرات ثم دخله فأخذ بعض الأمتعة على أن يعود ليأخذ بعضاً آخر ولكنه لم يعد يعتبر مرتكباً لجريمة السرقة، كما لو عاد وأخذ أمتعة في مرة أخرى أو أكثر.
وتختلف الأفعال المتلاحقة عن الجريمة غير المؤقتة؛ لأن الجريمة المكونة من أفعال متلاحقة تتعدد فيها الأفعال، ولكن كل فعل منها منفصل عن الآخر، بينما الجريمة غير المؤقتة تتكون من فعل واحد أو امتناع يستمر حدوثه وقتاً طويلاً أو يتجدد حدوثه ذلك الوقت.
٦٧ - العلة في اعتبار الأفعال المتلاحقة جريمة واحدة: تعتبر الأفعال المتلاحقة مكونة لجريمة واحدة على تعددها وانفصالها؛ لأن قواعد الشريعة الإسلامية لا تسمح بتعدد العقوبة على الجرائم التي من نوع واحد، وتكتفي بعقوبة واحدة عليها طبقاً لقاعدة التداخل، وهذا يقتضي من باب أولى اعتبار الأفعال المتلاحقة الصادرة تنفيذاً لغرض جنائي واحد جريمة واحدة، كما أن وقوع هذه الأفعال تنفيذاً لفكرة واحدة ولغرض جنائي واحد يجعل منها جريمة واحدة.