للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قتله وهو عالم بالعفو وبسقوط القصاص كان قاتلاً عمدًا دون شبهة ووجب عليه القصاص عند أبى حنيفة وأحمد وطبقًا لأحد الرأيين فى مذهب الشافعى، أما الرأى الآخر فيشترط للقصاص أن يكون عالمًا بالعفو وأن يحكم القاضى بسقوط القصاص، وإن لم يتوفر هذان الشرطان درئ القصاص للشبهة؛ لأن مالكًا يرى أن حق الولى لا يسقط فى القود بعفو الشريك، وهذا الخلاف يعتبر شبهة تدرأ القصاص (١) [تبحث هذه المسألة من كتب المالكية] .

كل ما سبق إذا كان القصاص الواحد مشتركًا بين مستحقين متعددين فعفا أحدهم أو بعضهم عن نصيبه أما إذا وجب لكل من المستحقين قصاص كامل غير مشترك قَبل القاتل فإن الحكم يختلف، فلو قتل الجانى رجلين فعفا ولى أحدهما عن القاتل فإن عفوه لا يسقط حق ولى القتيل الآخر من القصاص من القاتل؛ لأن كل واحد من الوليين استحق على الجانى قصاصًا كاملاً مستقلاً عن القصاص الذى استحقه الآخر فإذا ما أسقط أحدهما حقه بقى حق الآخر، بخلاف القصاص المشترك فإن عفو أحد الشريكين فيه يسقط حق الشريك الآخر؛ لأن حق القصاص لا يتجزأ ومن المحال إسقاط بعضه وتنفيذ بعضه.

١٨٨- عفو الولى قبل الموت: إذا عفا الولى بعد الجرح وقبل الموت ففى صحة عفوه ونفاذه رأيان:

أولهما: أن العفو غير صحيح لأنه عفا عما لم يجب له لأن القصاص لا يجب له إلا بعد وفاة موروثه ولأن العفو عن القتل يستدعى وجود القتل والفعل لا يصير قتلاً إلا بوفاة الموروث فالعفو لم يصادف محله.

ثانيهما: أن العفو صحيح لأن الجرح متى اتصلت به السراية تبين أنه وقع قتلاً من يوم وجوده فكان العفو عن حق ثابت، وإذا فرض أن القتل لم يوجد من يوم الجرح فقد وجد سببه وهو الجرح المفضى إلى الموت، والسبب المفضى إلى الشئ يقام مقامه وعلى هذا يكون العفو صحيحًا (٢) .


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٤٨ , المهذب ج٢ ص١٩٧ , نهاية المحتاج ج٧ ص٢٨٦ , المغنى ج٩ ص٤٦٥ - ٤٦٦.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٤٨ , الأم ج٦ ص١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>