للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى البعض أن الوصية تصح للقاتل، ويترتب على هذا الرأى أن الدية تسقط إذا كانت تخرج من ثلث التركة، فإن كانت الدية أكثر من الثلث سقط منها بقدر ثلث التركة، ووجب الباقى على الجانى (١) .

ومذهب الشافعى على أن العفو إذا جاء فى صيغة الوصية فهو وصية لقاتل، كأن يقول: أوصيت له بأرش هذه الجناية، فإذا جاء العفو بلفظ العفو أو الإبراء أو الإسقاط فيرى البعض أنه وصية أيضًا لأنه تبرع، ويرى البعض أنه ليس وصية لأنه إسقاط ناجز، والوصية معلقة بحالة الموت، والرأى الأخير هو الراجح، وكما اختلفوا فى حكم الوصية للقاتل هل هى صحيحة أم لا؟ فقال البعض إنها صحيحة وهو الرأى الراجح وقال البعض إنها غير صحيحة، ويترتب على هذا الخلاف فى صحة الوصية ما سبق أن بيناه (٢) .

* * *

الصلح

١٩٠- لا خلاف بين الفقهاء فى جواز الصلح على القصاص وأن القصاص يسقط بالصلح: ويصح أن يكون الصلح عن القصاص بأكثر من الدية وبقدرها وبأقل منها، والأصل فيه السنة والإجماع، فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل عمدًا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية؛ ثلاثين حقَّة وثلاثين جَذَعة وأربعين خَلفة وما صولحوا عليه فهو لهم"، وفى عهد معاوية قتل هدبة بن خشرم قتيلاً (٣) ، فبذل سعيد بن العاص والحسن والحسين لابن المقتول سبع ديات ليعفو عنه فأبى ذلك وقتله.

ولما كان القصاص ليس مالاً جاز الصلح عنه بما يمكن أن يتفق عليه الفريقان؛ لأنه صلح عما لا يجرى فيه الربا فأشبه الصلح على العروض، فيصح أن


(١) الشرح الكبير ج٩ ص٤٢٤ , ٤٢٥ , الإقناع ج٤ ص١٨٨.
(٢) تحفة المحتاج ج٧ ص٢٩٦ , ٢٩٧ , المهذب ج٢ ص٢٠٣.
(٣) المغنى ج٩ ص٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>