الدية مع القصاص (١) , فإذا امتنع القصاص لسبب من الأسباب التى سنبينها فيما بعد حلت محله عقوبتان بدليتان الأولى الدية أو الأَرْش والثانية التعزير، ويلاحظ الفرق بين عقوبات الجناية عمدًا على النفس والجناية عمدًا على ما دون النفس، ففى النفس يعاقب بالكفارة عقوبة أصلية وبالصيام عقوبة بدلية وبالحرمان من الميراث والوصية عقوبة تبعية، أما هنا فلا يعاقب بهذه العقوبات لأنها قاصرة على القتل ومتعلقة به.
أولاً: القصاص
٢٨٣- القصاص: هو العقوبة الأصلية للجناية على ما دون النفس عمدًا، أما الدية والتعزير فهما عقوبتان بدليتان تحلان محل القصاص، ويترتب على اعتبار القصاص أصلاً والدية والتعزير بدلاً أنه لا يجوز الجمع بين العقوبة الأصلية وبين عقوبة أخرى بدلاً منها لأن الجمع بين البدل والمستبدل ينافيان طبيعة الاستبدال، ويترتب على ذلك أيضًا أنه لا يجوز الحكم بالعقوبة البدلية إلا إذا امتنع الحكم بالعقوبة الأصلية.
وهناك نظريتان للجمع بين القصاص والدية، الأولى: يرى أصحابها أن القصاص يجمع مع الدية إذا لم يكن القصاص ممكنًا إلا فى بعض الجرح فيقتص مما يمكن القصاص فيه، وما لا يمكن القصاص فيه تحل العقوبة البدلية فيه محل القصاص، وعلى هذا تجمع الدية مع القصاص عقوبة لجرح واحد، وهذه النظرية يقول بها الشافعى وبعض فقهاء مذهب أحمد.
أما النظرية الثانية: فتقوم على أنه لا يمكن الجمع بين العقوبة الأصلية والعقوبة البدلية فى جرح واحد، فإن اقتص فى بعض الجرح سقط حقه فى الباقى ولا شئ له وهو بالخيار إن شاء اقتص ولا شئ له وإن شاء أخذ الدية، وهذه نظرية مالك وأبى حنيفة وبعض فقهاء مذهب أحمد.