للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن كيسان، وكان على البحر- أي: قائد الأسطول- هناك وسيروه إلى ملك الروم، فأنفذه إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك من أجل الهدنة التي كانت بينه وبين الروم، فلما كانت خلافة هشام بن عبد الملك (١٠٥- ١٢٥ هـ/ ٧٢٣- ٧٤٢ م) نزل الروم دمياط في ثلاثمائة وستين مركبا، فقتلوا وسبوا، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائة» .

ثم يوالي المقريزي حديثه، فيقول: «وكانت الفتنة بين الأخوين؛ محمد الأمين وعبد الله المأمون، وكانت الفتن بأرض مصر، فطمع الروم في البلاد، ونزلوا دمياط، في أعوام بضع ومائتين، ثم لما كانت خلافة أمير المؤمنين، المتوكل على الله (٢٣٢- ٢٤٧ هـ/ ٨٤٦- ٨٦١ م) وأمير مصر يومئذ عنبسة بن إسحاق، نزل الروم دمياط يوم عرفة؛ سنة ثمان وثلاثين ومائتين، فملكوها وما فيها، وقتلوا بها جمعا كثيرا من المسلمين، وسبوا النساء والأطفال وأهل الذمة، فنفر إليهم عنبسة بن إسحاق، يوم النحر في جيشه، ونفر كثير من الناس إليهم، فلم يدركوهم، ومضى الروم إلى تنيس، فأمر المتوكل ببناء حصن دمياط.. ثم يوالي المقريزي حديثه عن هجمات الروم المتوالية في السنوات التالية، مما جعل ولاة الأمر، سواء الخلفاء العباسيون وولاة مصر في عهودهم، أو حتى حكام مصر في عهود الاستقلال مثل الطولونيين والإخشيديين- يوالون الاهتمام بدمياط وتحصينها، يقول المقريزي:

«وكان بدمياط دار لصناعة السفن يديرها أهل الخبرة في هذا الفن» «١» .

أما تنيس فيقول عنها ياقوت الحموي «٢» : جزيرة في بحر مصر، قريبة من البر، ما بين الفرما ودمياط، والفرما في شرقيها.. ويقول: «إنها كانت أجمل من دمياط.. ولما فتحت مصر في سنة عشرين من الهجرة كانت تنيس حينئذ خصاصا من القصب، وكان بها الروم، وقاتلوا أصحاب عمرو بن العاص، وقتل بها جماعة من المسلمين، وقبورهم معروفة بقبور الشهداء، عند الرمل فوق مسجد غازي، وكان بتنيس ميناء يسمى أشتوم، يستقبل السفن القادمة من سوريا والمغرب، ويذكر الرحالة الفارسي ناصر خسرو أن ألف سفينة كانت ترسو هناك. ويذكر ابن حوقل أنها كانت من أهم الجزر التي اعتمدت كلية على السفن في اتصالاتها، وقد دهش لبراعة الملاحة البحرية فيها «٣» .


(١) المصدر السابق، (١/ ٢١٤) .
(٢) معجم البلدان (٢/ ٥١) وما بعدها.
(٣) نقلا عن تاريخ البحرية المصرية مرجع سابق (ص ٣٤٦) .

<<  <   >  >>