قوي الإسلام وأصبحت كلمة الله هي العليا، فلم يعد هناك مبرر لقتل الأسرى في الأحوال العادية. وذلك كما يفهم من آية سورة محمد وهي قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [محمد: ٤] فبيّنت أن الإمام مخير في الأسرى بين المن عليهم بالحرية دون مقابل، وبين الفداء بعمل أو مال، أو مبادلة أسير مسلم من الأعداء، ولم تشر الآية إلى إباحة قتل الأسرى أو استرقاقهم. وبلغت رحمة المسلمين بأسرى الأعداء أنهم كانوا إذا وقعت في أيديهم أسرة بكاملها لا يفرقون بين أفرادها. بل يجمعونهم ليعيشوا معا. أين هذا السلوك الإنساني في معاملة أسرى الحرب، من المصير المؤلم الذي يلاقيه أسرى الحروب في العصر الحديث الذي يدعى أهله أنهم متحضرون؟! وأين آداب الحرب في الإسلام من هذه الأعمال الهمجية التي صاحبت الحروب الاستعمارية الأوربية؟ تلك الأعمال التي كانت تأتي على الأخضر واليابس، ولا تفرق بين هدف عسكري وآخر مدني، ولم ينج من ويلاتها شيخ كبير ولا طفل صغير ولا امرأة، ولا زالت بشائع الحرب العالمية الثانية ماثلة أمام أعيننا باثارها التدميرية، خصوصا في هيروشيما ونجازاكي. ولكن تلك حروب استعمارية دفع إليها الحقد والتنافس والصراع بين الدول الأوربية على تقسيم المستعمرات ومناطق النفوذ، والاستيلاء على المواد الخام والأسواق، وامتصاص دماء الشعوب. أما الحرب المشروعة من وجهة نظر الإسلام فهي بريئة من كل تلك الشرور؛ لأنها حرب لها هدف إنساني، فلا يمكن أن تعمل على إبادة الإنسانية؛ لأن الإسلام ضد الحرب التي تشن بهدف التوسع والاستغلال والحصول على مناطق النفوذ ... إلخ.
ومعناها واضح، وهو أن الذين يعملون من أجل الاستعلاء في الأرض ليس لهم نصيب في الآخرة.
[* مبادئ القانون الدولي في الإسلام:]
مبادئ القانون الدولي العام، هي تلك القواعد والمبادئ والتقاليد التي تنظم علاقات الدول في حالتي السلم والحرب. وتأتي تلك المبادئ إما نتيجة لمعاهدات واتفاقيات دولية، أو نتيجة عرف دولي تعارفت عليه دول العالم، أو بناء على أقوال