للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[* جر العالم الإسلامي إلى أحلاف تخدم الأهداف الاستعمارية:]

معظم بلاد العالم الإسلامي وقعت فريسة للاستعمار الغربي، وبصفة خاصة قطبي هذا الاستعمار- أو الاستدمار- كما سماه مالك بن نبي- إنجلترا وفرنسا، ولا نريد أن نتحدث هنا عن الحقبة الاستعمارية وماسيها وفظائعها، فهذا الحديث ليس هذا مكانه، وإنما نريد الحديث عن فترة ما بعد الاستعمار، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سنة (١٩٤٥ م) وحتى استقلال آخر الدول العربية والإسلامية في مطلع السبعينيات من هذا القرن العشرين، لقد خرج الحلفاء الغربيون ومعهم الاتحاد السوفيتي منتصرين في هذه الحرب على دول المحور- ألمانيا وإيطاليا واليابان- ولكنهم خرجوا أعداء، فإذا كان التصدي لخطر النازية قد وحدهم، فقد كان ذلك ضرورة زالت بزوال الخطر، وأصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم، وبدأ بينهم ما عرف بسنوات الحرب الباردة، وانقسموا إلى كتلتين متعاديتين عقائديّا وسياسيّا واقتصاديّا، كتلة غربية رأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وكتلة شرقية شيوعية بقيادة الاتحاد السوفيتي. وقد حاولت كل من القوتين استخدام العالم الإسلامي ورقة رابحة في صراعها مع الآخرى. ولما كان معظم بلدان العالم الإسلامي لا يزال تحت سيطرة الاستعمار الغربي، وكان يعاني من ذلك الأهوال ويحاول جاهدا التخلص من تلك السيطرة البغيضة، فقد انتهز الاتحاد السوفيتي الفرصة ورفع شعار مناصرة البلاد المستعمرة المتطلعة إلى الحرية والاستقلال، ووقف بالفعل مع بعض البلاد العربية والإسلامية، وقدم لها مساعدات لا تنكر حتى نالت استقلالها «١» . ومن ثم فقد استطاع استقطاب عدد لا بأس به من تلك الدول وجعلها تتعاطف معه في كل موقف دولي يواجه به الولايات المتحدة الأمريكية، وأبرز مثال على قدرة الاتحاد السوفيتي في استقطاب بعض الدول العربية والإسلامية وجعلها تدور في فلكه ما حدث وسط حركة عدم الانحياز التي أسسها ثلاثة من كبار الشخصيات العالمية في تلك الفترة سنة (١٩٦١ م) وهم رئيس وزراء الهند الراحل جواهر لال نهرو، والزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، والزعيم اليوغسلافي الراحل جوزيف تيتو، وهذا الأخير مع انتمائه عقائديّا إلى الكتلة الشرقية الشيوعية إلا أنه لم يطق


(١) د. جمال حمدان- العالم الإسلامي المعاصر (ص ١٤٦) طبع عالم الكتاب- القاهرة (١٤١٠ هـ/ ١٩٩٠ م) .

<<  <   >  >>