للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* حرب الخليج الأولى (١٩٨٠- ١٩٨٨ م) :

كجزء من تنفيذ المخطط الغربي الرهيب لإضعاف الأمتين العربية والإسلامية واستنزاف مواردها وتعطيل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتزداد الأحوال سوآ. وتكثر البطالة والفقر والمرض، ويعم الإرهاب والقلاقل ربوع العالم الإسلامي، أشعل الغرب بقيادة الولايات المتحدة الحرب بين العراق وإيران في سبتمبر سنة (١٩٨٠ م) وهيأت لها كل الأجواء، فقد أوحت إلى الرئيس العراقي صدام حسين، أنه بعد مقاطعة مصر وإخراجها من جامعة الدول العربية عقابا لها على توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل- تلك المقاطعة التي لعب فيها صدام حسين نفسه الدور الأكبر- أوحت إليه السياسة الغربية أنه أصبح الآن مرشحا لخلافة مصر في زعامة الأمة العربية، ولكن يحول دون ذلك عقبة كبيرة هي إيران- ذات المكانة والهيبة والأهمية في المنطقة وبصفة خاصة في الخليج ذي الأهمية البالغة لاقتصاديات الغرب- أي: إن صدام حسين ليس بمقدوره أن ينفرد بالزعامة على الأمة العربية مع وجود إيران، إذن ما الحل؟ لا حل سوى إزاحة إيران من الطريق، هكذا أقنعت السياسة الغربية صدام حسين فارتكب واحدة من أكبر وأشنع الحماقات السياسية في التاريخ الإسلامي كله، حيث اقتنع وبلع ذلك الطّعم الخطير، وصدق بسذاجة سياسية لا نظير لها أنه قادر على هزيمة إيران، ولا أدري كيف أقنع نفسه بذلك «١» ؟! على كل حال نحن الآن لا نحاكم صدام حسين، فليست هذه آخر جرائمه ضد العالم العربي والإسلامي، ولكننا نحاول إظهار وتوضيح الدور الغربي بقيادة الولايات المتحدة في إشعال حرب الخليج الأولى، التي أودت بحياة مئات الألوف من شباب الشعبين الإيراني والعراقي، وبلغت خسائرها المادية عشرات المليارات من الدولارات، ودمرت المنشات الاقتصادية في كلا البلدين الجارين للمسلمين، وتدمير البلدين لم يقتصر عليهما بل كانت له انعكاسات خارج حدودهما، وعلى جيرانهما العرب «٢» .


(١) لا يظن أحد أن إيران خرجت مهزومة من الحرب وأن العراق خرج منتصرا بل العكس هو الصحيح، إذا كانت إيران قد وافقت على وقف إطلاق النار، فذلك لأنها أدركت عواقب الحرب وأن الغرب يريد القضاء عليهما معا، ولو استطاع العراق احتلال كل إيران فإنها كانت قادرة على إخراجه منها في نهاية الأمر.
(٢) إن المساعدات الصخمة التي قدمتها دول الخليج البترولية للعراق وإيران معا أثرت على خطط التنمية في تلك الدول ذاتها، وعلى قدرتها على مساعدة دول عربية وإسلامية أخرى كانت في مسيس الحاجة لتلك المساعدة، أي: إن خسائر الحرب كانت وبالا ودمارا للأمة الإسلامية بأسرها.

<<  <   >  >>