كما يحسون هذه الأيام من عدو لا يرحم، ومظاهر هذا كله بادية للعيان ولا تخفي على أحد.
[* دور المستشرقين المتعصبين في تشويه صورة الإسلام في الغرب:]
هذه هي الخلفية التاريخية التي تحكم العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب، والتي نما فيها الاستشراق وترعرع، وكان له دور بارز في إذكاء روح العداء بين الإسلام والغرب المسيحي.
ومما لا ريب فيه أن معظم المستشرقين كان يعمد عمدا إلى تصوير الإسلام، ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلم، تصويرا بشعا، ويرسم له صورة منفرة، وأنه دين بدائي وعدواني، ويتسم بالقسوة والوحشية، وجل بحوث المستشرقين ومؤلفاتهم، والتي تعد بالآلاف، تدور حول تركيز وتكريس الصورة السابقة في ذهن القارئ الغربي، ولقد نجحوا في ذلك حتى أصبح كره الإسلام والمسلمين والحقد عليهم شيئا مركوزا في الشخصية الأوربية، وعلى جميع المستويات.
ولقد كتب المستشرقون كثيرا جدّا من الكتب والمقالات لجماهير قرائهم الغربيين، وتناولوا كل شيء يخص الإسلام والمسلمين في ماضيهم وحاضرهم، يقول العلامة المحقق الكبير الأستاذ محمود محمد شاكر رحمه الله: «كتبوا في القرآن، وفي حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسيرته، وفي تفسير القرآن، وفي الفقه، وفي تفاصيل شرائع الإسلام، وفي تاريخ العرب والمسلمين، وفي تراجم رجال الإسلام، وفي الفرق الإسلامية، وفي الفلسفة عند المسلمين، وفي علم الكلام، وفي كل ما ذكرت وما لم أذكر، كتبوا وألفوا وصنفوا، لكن لهدف واحد لا غير؛ هو تصوير الثقافة العربية الإسلامية وحضارة العرب والمسلمين بصورة مقنعة للقارئ الأوربي، وبأسلوب يدل على أن كاتبها قد خبر ودرس وعرف وبذل كل جهد في الاستقصاء، وعلى منهج علمي مألوف لكل مثقف أوربي، وأنه وصل إلى هذه النتيجة التى وضعها بين يديه، بعد خبرة طويلة، وعرق وجهد وإخلاص، حتى لا يشك قارئ في صدق ما يقرؤه، وأنه هو اللباب المصفّى من كل كدر، والمبرأ من كل زيف، وأنه الحق المبين، والصراط المستقيم.
كان جوهر هذه الصور المبثوث تحت المباحث كلها هو أن هؤلاء العرب المسلمين هم في الأصل قوم بداة جهال لا علم لهم، جياع في صحراء مجدبة، جاءهم رجل من أنفسهم فادّعى أنه نبي مرسل، ولفق لهم دينا من اليهودية والنصرانية، فصدقوه