خاصة، ومما يلفت النظر أيضا في هذا المجال أن قنوات الأمويين الثقافية لم تكن مفتوحة على الشرق الإسلامي فقط. بل فتحوا قنوات مع الدولة البيزنطية التي عرف أباطرتها ولع الأمويين بالمخطوطات اليونانية القديمة فكانت أعظم هدية يقدمها العاهل البيزنطي في القسطنطينية إلى العاهل الأموي في قرطبة هي صناديق الكتب والمخطوطات اليونانية القديمة، ومن الأمثلة على ذلك الهدية الثمينة التي أرسلها الإمبراطور البيزنطي «قسطنطين السابع» إلى الخليفة الأموي «عبد الرحمن الثالث» وكان منها كتابان، أحدهما كتاب «الأدوية المفردة» ل «ديسقوريدس» وكان باللغة اليونانية، والثاني الكتاب المعروف ب «التواريخ السبعة» ل «أورسيوس» وهو باللغة اللاتينية. أظن أن هذا القدر يكفي في هذا الملخص وسيجد القارئ الكريم كثيرا من التفصيلات عن هذه الموضوعات في ثنايا البحث كاملا إن شاء الله تعالى.
ولا يسعني في ختام هذا الموجز إلا أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير لرابطة الجامعات الإسلامية ومعهد الفتح الإسلامي في دمشق وكلية الدراسات الأندلسية بغرناطة على التكرم بدعوتي للإسهام في هذا المؤتمر الهام، والله ولي التوفيق.
[* بنو أمية في التاريخ:]
ينتسب الأمويون إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فهم أبناء عمومة بني هاشم، الجد الثاني للنبي محمد- عليه الصلاة والسلام- فهم جميعا يلتقون في عبد مناف، فهم عرب أقحاح، ومن أصرح العرب نسبا وأعلاهم شرفا في الجاهلية والإسلام.
ولقد قامت الدولة الأموية على يد مؤسسها معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف عام (٤١ هـ/ ٦٦١ م) وهو العام الذي أطلق عليه المؤرخون عام الجماعة؛ لأنه جاء بعد ما يقرب من عقد من الزمان من الفتن والمحن والحروب الأهلية الطاحنة في الجمل وصفين، فكأن هذا الوصف جاء يحمل استبشارا بالمستقبل وتعلقت الآمال بالخليفة الجديد ليضمد جراح الأمة ويعيد لها وحدتها وانسجامها، وقد كان عند حسن الظن به، فالمؤرخون يكادون يجمعون على أن معاوية كان رجلا عظيما، سياسيّا من الطراز الأول ومن بناة الدول الكبار، يتحلى بكل الصفات اللازمة لرجل الدولة، من حسن السياسة وتأليف القلوب