للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيض الله له الأستاذ وستنفيلد فقام على تحقيقه، وطبعه في مدينة جوتنجن بألمانيا (سنة ١٨٥٩ م) . ومنذ أن ظهر مطبوعا عرف الناس قيمته، وتوجهت إليه أنظار الباحثين والمهتمين بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وانتشر انتشارا واسع النطاق في ربوع العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه.

وتوالت طبعاته بعد ذلك، فطبع في مطبعة بولاق، وظهرت له أكثر من طبعة محققة، من أهمها تلك التي حققها فضيلة الشيخ المرحوم محمد محيي الدين عبد الحميد- عميد كلية اللغة العربية الأسبق- وأحد كبار العلماء، ومن الذين لهم في مجال التحقيق باع طويل. كذلك من الطبقات المحققة تحقيقا جيدا تلك التي قام بتحقيقها الأستاذ مصطفى السقا وزملاؤه.

وبعد؛ فهذا هو محمد بن إسحاق- أحد أعلام الطبقة الثالثة- بل رأس تلك الطبقة من كتّاب المغازي والسير، والرائد الأول للكتابة المنظمة المنهجية في سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذا هو كتابه الخالد الذي لم يسبقه أحد إلى مثله، والذي أصبح الأصل الأصيل لكل من كتب في السيرة النبوية منذئذ إلى وقتنا هذا، وسيظل هو المرجع الأساسي في علوم السيرة.

ولا أظن أن هذا البحث يكتمل دون أن يتضمن تعريفا بعلمين آخرين من أعلام كتابة المغازي والسير، وهما محمد بن عمر الواقدي، وتلميذه وكاتبه محمد بن سعد.

[* الواقدي:]

هو محمد بن عمر بن واقد- الملقب بلقبه المشهور الواقدي- وهو مولى من الموالي، قيل: مولى بني هاشم، وقيل: مولى بني سهم بن أسلم.

يعتبر الواقدي- عند العلماء- «١» الثاني بعد ابن إسحاق في سعة العلم بالمغازي والسير. وقد ولد الواقدي بالمدينة المنورة (سنة ١٣٠ هـ) وتوفي (سنة ٢٠٧ هـ) ببغداد، ودفن في مقابر الخيزران، حسب رواية تلميذه محمد بن سعد، وقد لقي كثيرا من الشيوخ وأخذ عنهم العلم مثل معمر بن راشد، ومالك بن أنس- الإمام المشهور- وسفيان الثوري، ومن أشهر شيوخه في السير والمغازي والتاريخ أبو معشر


(١) انظر ضحى الإسلام (٢/ ٣٣٣) .

<<  <   >  >>