للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان هو يروي عن زوجته، بل كان يسمح لها أن تحدث الغير بما عندها من أخبار عن السيرة النبوية؛ فقد أخبر الطبري عن محمد بن إسحاق أنه دخل على عبد الله بن أبي بكر- ابن حزم- فقال عبد الله لامرأته فاطمة: حدثي محمدا ما سمعت من عمرة بنت عبد الرحمن، فقالت: سمعت عمرة تقول: سمعت عائشة تقول ... إلخ، ويروي الطبري عن محمد بن إسحاق- أيضا- عن عبد الله بن أبي بكر قال: كان جميع ما غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفسه ستّا وعشرين غزوة، أول غزوة غزاها ودّان، ثم بواط.. إلخ.

وعلى الجملة فقد كان عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري عظيم الأثر في كتب السير والمغازي، وكان له من بيته العظيم في الأنصار- وهو بيت علم وقضاء وإمارة- وتزوّجه من فاطمة بنت عمارة الأنصارية والتي كانت تروي عن عمرة بنت عبد الرحمن، التي تروي بدورها عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، كان له من كل ذلك ما يسر له جمع الأحاديث التي تتصل بالمغازي «١» ، وأن يصبح مصدرا كبيرا من مصادرها، وأحد أعلام الطبقة الثانية من علماء المغازي والسير.

٣- عاصم بن عمر بن قتادة:

يعتبر المؤرخون عاصما أحد رجال الطبقة الثانية البارزين من كتاب المغازي والسير، وجدّه قتادة بن النعمان الظفري الأنصاري كان من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وشهد معه بدرا وأحدا، ويوم أحد أصيبت عينه وسقطت على وجنتيه، فردّها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعادت أحسن عينيه وأحدّهما «٢» .

ولما كان قتادة أحد الصحابة المجاهدين الذين شهدوا المشاهد مع رسول الله فقد روى لابنه عمر ما شهده وشاهده بنفسه من مغاز وسير وأخبار رسول الله، ورواها عمر لابنه عاصم الذي أصبح حجة في ذلك، قال عنه محمد بن سعد: وكان راوية للعلم، وله علم بالمغازي والسير ولتبحره فيهما فقد كلّفه الخليفة عمر بن عبد العزيز (٩٩- ١٠١ هـ) أن يجلس في المسجد الأموي في دمشق ليحدث الناس عن المغازي ومناقب الصحابة ففعل «٣» . وكان من المصادر المهمة التي اعتمد عليها أصحاب السير


(١) ضحى الإسلام- أحمد أمين (٢/ ٣٢٤، ٣٢٥) .
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٣١) .
(٣) انظر السيرة النبوية للشيخ محمد أبو شهبة (ص ٢٥) .

<<  <   >  >>