القرآنية الكريمة التي تقرر عالمية الإسلام، وأنه الرسالة الخاتمة لرسالات السماء، فليس بعد القرآن الكريم كتاب سماوي، وليس بعد محمد رسول؛ ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب: ٤٠] .
ومن أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلم التي تقرر تلك الحقيقة قوله:«مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: ما أجمل هذه البيت لولا هذه اللبنة. فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين»«١» .
بناء على تلك النصوص الكريمة يتبين لنا أن طبيعة الرسالة الإسلامية تختلف عن طبيعة الرسالات السماوية التي سبقتها، فتلك الرسالات كانت محدودة الزمان ومحدودة المكان ومحدودة البيئة البشرية، لذلك نجد أكثر من رسول متعاصرين ومتجاورين، كما كان الحال بالنسبة لإبراهيم ولوط عليهما السّلام، وهذا بطبيعة الحال لا يقلل من شأن الرسالات السابقة- حاشا لله- لأن محدوديتها أمر اقتضاه تطور الجنس البشري في مدارج الكمال العقلي، وكل رسالة جاءت في موعدها، وكل رسول أدى دوره وكان لبنة صالحة في صرح عقيدة التوحيد إلى أن جاء الوقت الملائم وأصبحت البشرية مستعدة لقبول الرسالة العالمية الخاتمة فكانت رسالة الإسلام على يد خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله.
وقد يتبادر إلى بعض الأذهان أن معنى عالمية الإسلام أنه يجب أن يكون كل الناس مسلمين، وأنه يجب على المسلمين حمل السيف دائما لإجبار الناس على اعتناق الإسلام.
وهذا ليس مقصودا، بل معنى عالمية الإسلام- بكل بساطة ووضوح- أنه دين مفتوح لكل البشر، من جميع الأجناس، دون قيود أو حدود، وليس دينا خاصّا بشعب مختار، وأنه دين الفطرة الذي يلائم كل الناس، في كل زمان ومكان ليسره وسهولته فأي إنسان يريد أن يكون مسلما، فليس مطلوبا منه إلا أن يقول: أشهد ألا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله، وبعدها يصبح مسلما له حقوق المسلمين وعليه واجباتهم.
ومن ناحية أخرى فإن حمل الناس جميعا على اعتناق دين واحد أمر لم يحدث