أصبحت آمنة للتجار المسلمين يجوبونها مطمئنين يمارسون التجارة والدعوة إلى الإسلام في الوقت نفسه.
وخلاصه القول- في هذا البحث المتواضع- أن الإسلام منذ أن أدخله قتيبة بن مسلم الباهلي إلى بلاد ما وراء النهر- في نهاية القرن الأول الهجري- وهو يشق طريقة في ثبات وثقة، ويزداد رسوخا يوما بعد يوم بين السكان وأصبحت تلك البلاد العزيزة جزآ رئيسيّا من العالم الإسلامي تأثرت به وبتاريخه وأثرت فيه تأثيرا عظيما، وازدهرت فيها الثقافة الإسلامية، وخرجت للعالم الإسلامي عددا كبيرا من الفقهاء والمفسرين والمحدثين والمؤرخين والأطباء والفلاسفة، وأصبحت مدن كبخارى وسمرقند من أعظم وأشهر المراكز الحضارية في العالم الإسلامي.
ولا أدل على رسوخ الإسلام في تلك البلاد من صموده وتمسك الناس به على مدى القرون الماضية، رغم المحن والخطوب الهائلة التي مرت بها، والتي كان آخرها محنة وقوعها تحت براثن الحكم الشيوعي الملحد، منذ بداية هذا القرن، ذلك الحكم الذي مارس كل الأساليب الوحشية والهمجية للقضاء على الإسلام ومحوه من تلك البلاد، ولكنه فشل فشلا ذريعا- كما فشلت كل المحاولات السابقة- وأخيرا أذن الله تعالى بانقشاع الغمة وزوال المحنة فاندحرت الشيوعية وخرت صريعة بالسكتة القلبية، وأذهب الله تعالى عن بلاد ما وراء النهر الحزن والغم والهم وعادت بلادهم إلى حظيرة العالم الإسلامي لتستأنف دورها الحضاري العظيم وصدق الله العظيم الذي تكفل بحفظ دينه حيث يقول تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩] ، والذي تكفل بإزهاق الباطل وإحقاق الحق، ووعد وعده الحق بنصر المؤمنين فقال تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ