للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية، ومنها أن المجاهدين الأفغان كانوا يسقطون الطائرات بالحجارة التي تقذفها المقاليع، المهم تحقق الهدف الاستراتيجي الذي ظل الغرب كله يخطط له منذ نصف قرن «١» ، وهزم الاتحاد السوفيتي، ولم يخرج من أفغانستان فقط، وإنما خرج من الدنيا كلها وأصبح أحاديث تروى بعد أن كان أحد العملاقين العالميين، وسبحان مالك الملك ومغير الأحوال.

إن من يقرأ كتاب الرئيس نيكسون «نصر بلا حرب» الذي ظهر سنة (١٩٨٩ م) يعرف كيف أخذ الغرب يخطط بقيادة الولايات المتحدة لهزيمة الاتحاد السوفيتي بدون حرب، وذلك عن طريق الإنفاق الهائل على التسليح المتطور للغاية وغزو الفضاء، وهو يعرف أن الاتحاد السوفيتي لم يقبل إلا بأن ينافس في هذا الميدان وقد نافس بالفعل وأصبح القوة العظمى الثانية في العالم في مجال السلاح، ولكن بعد أن تكبد نفقات باهظة لم يقو اقتصاده على تحملها وكان ذلك على حساب رفاهية المواطن السوفيتي، ومستوى معيشته، بحيث إنه في الوقت الذي كان رواد الفضاء الروسي يجوبون أجواء السماء ويدورون حول أفلاكها، في ذلك الوقت كان المواطن السوفيتي على الأرض يئن من أعباء المعيشة ويجد مشقة بالغة في الحصول على الغذاء اليومي، وتعرف الدنيا كلها أن الاتحاد السوفيتي- تلك القوة العسكرية الرهيبة- هو مخترع الطوابير الطويلة من البشر التي تقف أمام المخابز للحصول على الخبز، وأمام محلات البقالة للحصول على بقية الطلبات الآخرى للحياة، وكلها كانت دون الكفاية ومن أردأ الأنواع، وليس هذا في ميدان الغذاء فقط، بل في ميدان الملابس وحاجيات الإنسان الآخرى، ناهيك عن صعوبة الحصول على مسكن ملائم ... إلخ، يحدث ذلك في الاتحاد السوفيتي الذي كان يشغل مساحة ٢٠ من اليابس على الكرة الأرضية، وموارده الطبيعية، ومحاصيله الزراعية بدون حدود، ولكن سوء الإدارة- إدارة الدولة- والفساد أدى إلى كل هذه الصعوبات، وفي النهاية إلى زوال إمبراطورية الشر على حد تعبير الرئيس الأمريكي ريجان، والذي كان يزيد من معاناة الشعوب السوفيتية التي وعدوها بجنة الشيوعية أنها كانت ترى وتسمع عن حياة المواطن العادي- وبصفة خاصة الطبقة العاملة- في الدول الرأسمالية الغربية، أنه يعيش حياة حرة كريمة، بل مترفة ومما كان


(١) ريتشارد نيكسون- انتهزوا الفرصة (ص ١٣) .

<<  <   >  >>