للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريم في الأمة الإسلامية هي الوحدة كما يقول ربنا تبارك وتعالى: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [المؤمنون: ٥٢] ، والدعوة القوية إلى المحافظة على هذه الوحدة وعدم التفرق كما يقول الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران: ١٠٣] ، وأن الله تعالى يحب عباده الذي يجاهدون في سبيله صفا واحدا كأنهم بنيان واحد متماثل، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ [الصف: ٤] ، وأن الله تعالى يصف المؤمنين جميعا بأنهم إخوة حيث يقول تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: ١٠] ، هذه بعض النصوص فقط كأمثلة دالة على أن الأصل في الأمة الإسلامية أن تكون أمة واحدة، وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلم التي تحث المسلمين على الوحدة والتماسك والتعاون والتعاطف والتناصح إلخ أكثر من الحصر، ولكن على الرغم من هذا كله فإن العلاقات الإسلامية في الوقت الحاضر بعيدة عن هذا، والشواهد على ذلك كثيرة والكلام فيها أيضا يمكن أن يكون كثيرا، ويكفي أن نقتبس بعض كلام الرئيس نيكسون في وصف العلاقات الإسلامية وإن كان كلامه لا يخلو من نبرة شماتة، إلا أنه في الواقع فيه بعض الصدق للأسف الشديد، يقول نيكسون: «والصراعات والتنافسات في العالم الإسلامي جعلت منه مرجلا من النزاعات، والقائمة القصيرة لهذه النزاعات تشمل المغرب ضد الجزائر، وليبيا ضد تشاد، والعالم العربي ضد إسرائيل، والأردن ضد السعودية، وسوريا ضد الأردن، وسوريا ضد لبنان، والسعودية ضد دول الخليج الصغيرة، والسعودية ضد اليمن، والعراق ضد سوريا، والعراق ضد الكويت والسعودية، والعراق ضد إيران، ودول الخليج العربية ضد إيران، وباكستان ضد أفغانستان، والهند ضد باكستان وبنجلاديش، وأندونيسيا ضد ماليزيا وغينيا الجديدة. وإن الكثير من هذه الدول هي تالفات اصطناعية من عدة دول، أو مجموعات عرقية، فإن التنازع الداخلي يسود المنطقة وكثير من الدول في العالم الإسلامي هي لبنان المستقبل «١» ، تنتظر ما يمكن أن يحدث» «٢» .

من المؤسف أن معظم ما ذكره نيكسون صحيح، نراه بأعيننا ونسمعه باذاننا.

والكل يعرف نتائج هذه الصراعات والحروب على واقع الإنسان المسلم وكيف أثرت


(١) الإشارة إلى لبنان هنا المقصود بها أن كثيرا من الدول الإسلامية مرشحة في المستقبل للحروب الأهلية والانقسامات العرقية، وطبعا أيدي الغرب تلعب الدور الأكبر في هذا المجال.
(٢) انتهزوا الفرصة، مرجع سابق (ص ٤١) .

<<  <   >  >>