الخطاب:«نرى ثوبك طويلا سابغا، وكلنا كميش الإزار ما حصل أحدنا إلا على ملبس قصير، فمن أين لك هذا؟ وأحس عمر كأنه متهم باستغلال الحكم، فقال: قم يا عبد الله بن عمر فحدث الناس، وقام عبد الله يقول: إن نصيب أبي من الثياب المفرقة لم يكن يغنيه؛ لأنه رجل طوال، فمنحته نصيبي ليكمل حلته ... واتضح الموقف، وقال سلمان: الآن قل؛ نسمع»«١» .
في هذا القدر كفاية؛ لأننا لو حاولنا ضرب الأمثلة وتقديم نماذج من مفردات الحكم الإسلامي لضاق بنا المقام، وكذلك لو حاولنا ضرب الأمثلة وتقديم نماذج من مساوئ الحكم الاستبدادي لضاق بنا المقام أيضا؛ ولكني قبل أن أختم هذا البحث المتواضع لا بد أن أقول كلمة أراها ضرورية وهي: إن الغرب الديمقراطي الحر الذي لا ننكر عليه ديمقراطيته ولا حريته، هذا الغرب أناني إلى أبعد الحدود؛ فهو يعرف قيمة الحرية والديمقراطية، وأثرها في رقي الأمم والشعوب ومع ذلك يضن على العالم الإسلامي بها، أعني أنه يقف حجرة عثرة في سبيلها لا يريد أبدا أن تسود الديمقراطية والحرية في العالم الإسلامي؛ لأنها إذا سادت أفرزت حكومات صالحة، وإذا صلح الحكم صلحت كل أوجه الحياة، ومعنى ذلك نهضة إسلامية شاملة وعالم إسلامي قوي سياسيّا واقتصاديّا وعسكريّا، يستطيع أن يدافع عن حقوقه وأن يتمتع بثرواته، وأن تكون له كلمة في شؤون الدنيا، وهذا ما لا يريده الغرب، فما يريده الغرب عالما إسلاميّا ضعيفا ممزقا متناحرا، تسوده الفتن والقلاقل والإرهاب؛ لتسهل السيطرة عليه، ونهب ثرواته والتحكم في مقدراته.
نعم إن الغرب يصدر إلى العالم الإسلامي كل شيء إلا الحرية والديمقراطية، فهي السلعة الوحيدة التي يحتكرها لنفسه ولو أردنا أن نذكر أمثلة على تدخلات الغرب لمنع الديمقراطية والحرية من أن تسود في العالم الإسلامي لضاق بنا المقام، ويكفي أن نلفت الأنظار إلى ما يحدث في تركيا حاليا.
إلى هنا نقف ونختتم البحث ونقول: وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.