قاد بنفسه أربع غزوات، وأولى هذه الغزوات هي غزوة الأبواء في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مهاجره. «وحمل لواءها حمزة بن عبد المطلب وكان لواء أبيض، واستخلف على المدينة سعد بن عبادة، وخرج في المهاجرين ليس فيهم أنصاري حتى بلغ الأبواء يعترض لعير قريش فلم يلق كيدا، وهي غزوة ودّان، وكلاهما قد ورد، وبينهما ستة أميال، وهي أول غزوة غزاها بنفسه. وفي هذه الغزوة وادع مخشيّ بن عمر الضّمري، وكان سيّدهم في زمانه، على ألا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه، ولا يكثّروا عليه جمعا، ولا يعينوا عدوّا، وكتب بينه وبينهم كتابا. وضمرة من بني كنانة. ثم انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة»«١» .
«ثم غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بواط في ربيع الأول، من السنة الثانية للهجرة، وخرج في مائتين من أصحابه، يعترض لعير قريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش وألفان وخمسمائة بعير، فبلغ بواط، وهي جبال من جبال جهينة من ناحية رضوى، وهي قريب من ذي خشب، مما يلي طريق الشام، وبين بواط والمدينة نحوا من أربعة برد فلم يلق رسول الله كيدا فرجع إلى المدينة.
وفي الشهر نفسه خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يطلب كرز بن جابر الفهريّ، الذي كان أغار على سرح المدينة، فطلبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بلغ سفوان من ناحية بدر، وفاته كرز ابن جابر فعاد صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة. وهذه الغزوة يطلق عليها بعض المؤرخين غزوة بدر الأولى.
أما آخر غزوة غزاها رسول الله صلّى الله عليه وسلم- بنفسه قبل معركة بدر- فكانت غزوة ذي العشيرة في جمادى الآخرة من السنة الثانية للهجرة. خرج في مائتين من أصحابه يعترض لعير قريش حين أبدأت إلى الشام، وقد جاءه الخبر بفصولها من مكة فيها أموال قريش، فبلغ ذا العشيرة، وهي لبني مدلج بناحية ينبع، وبين ينبع والمدينة تسعة برد، فوجد العير التي خرج لها قد مضت قبل ذلك بأيام، وهي العير التي خرج لها أيضا يريدها حين رجعت من الشام فساحلت البحر، وبلغ قريشا خبرها فخرجوا يمنعونها، فلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببدر فواقعهم وقتل منهم من قتل ... وفي
(١) انظر أخبار جميع هذه الغزوات والسرايا- ابن سعد- الطبقات (٢/ ٦) وما بعدها ابن هشام (٢/ ٢٣٠) وما بعدها- وابن كثير- السيرة النبوية (٢/ ٢٥٢) وما بعدها.