للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقّ أن الباخرزي دقيق في رواية الشعر دقّة نادرة، فلا يذكر اسم الشاعر الا عن تثبّت، ولا شيئا من ترجمته إلا على ثقة بما ينقل. وإذا ما شكّ في نسبة أحدهم- وهذا من النادر- ذكر مواطن شكّه، كما في تعريفه لأبي المعمّر نعيم بن الحسن: «هذا الفاضل- كما أظنّ- من فضلاء كنجة» .

ولكنه واثق دائما مما يقول، ويثبت لنا تعبيرا يشهد بذلك «١» .

ومن الصور الدقيقة في النقل والبحث موقفه من أبي منصور محمد بن ابراهيم الباخرزي، وهو موقف عالم بحاثة، يتحرّى صحة اسم الشاعر ومكانته:

«فكاد الحرص يريشني في طلبه، لعلي أعثر باسمه ولقبه، وأقف على مقدار أدبه. وما زالت الأيام تعدني فيه مواعيد عرقوب أخاه. وأنا أتحرّاه من خزائن الكتب وأتوخّاه» . وعندما وقعت عينه على كتاب معجم الشعراء للمرزباني «٢» راح يقلّبه بحثا عن اسم أبي منصور: «وما زلت أقشره ورقا فورقا، وأمسح من الجبين في تتبّع هذا الفاضل عرقا حتى انتهيت إليه..

وفيه ذكر أبي منصور رشيد بن منصور الباخرزي» «٣» .

وهو إذ سجّل خبر الشاعر واسمه وبعضا من شعره، فإنّه لا يقلب الصفحة عليه ولا يعود إليه، بل إنه مستعدّ لاضافة ما يراه في مراجع أخرى، أو كتب مروية رواية أخرى. ويتمّم الباخرزي حديثه في التحري: «حتى بنى الشيخ ناصح الدولة أبو محمد الفندورجي خزانة في مسجد عقيل بنيسابور. فحضرتها- كفعل كلّ أديب إثر افتتاح مكتبة جديدة في بلدته- وأعدت نظري في فهرستها، فإذا فيها معجم الشعراء، فنشرته فاذا فيه ذكر «الباخرزي» إلا أنه خالف في اسمه ونسبه. وزعم في النسخة الأولى أنه رشيد بن منصور وفي الثانية أنه أبو منصور محمد بن ابراهيم، وذكر أنه من أهل خراسان، ونسبه إلى الاستيطان ببغداد والتدين بمذهب الشيعة» . وتساءل الباخرزي عندما وقع

<<  <  ج: ص:  >  >>