ما تمت فضيلته بالعمل به، على أن العالم وإن لم يعمل، حرى أن تتوق نفسه إلى حال من الأحوال، إلى محاسن من علم وحفظ. والجاهل منقطع النسب منه، والعالم ينفع وإن لم يعمل، وليس ذلك للجاهل، والعالم كاسب على الجاهل والجاهل كاسب للعالم.
قال ابن زرعة: قال بعض القدماء: العقل دال على الفضيلة، فمن أتاها استحقه لعلمه بدلالته، وذام للرذيلة، فمن آثرها استحق اسم الجهل، فما كان مميزاً لتركه العمل بدلالته.
وقال الصابي: قال الأولون: الشكر الإقرار بالنعمة للمعبود، وأجزاؤها بالحسنى في الضمير والقول والفعل، فأما أجزاء الضمير فالنية والمحبة والطاعة، وأما أجزاء القول فالثناء والدعاء والنشر، وأما أجزاء الفعل فالصبر والسعي فيما يرضى المنعم.
قال: والشكر ثلاث طبقات: لمن فوقك بالطاعة والنصيحة، ولأكفائك بالمكافأة، ولمن دونك بالتفضل عليه. والشاكر إن قصر عن ثلث لم يشكر، ويحتاج إلى معرفة وطباع وعمل، فبالمعرفة يعرف كنة النعم وقدر ما يجب عليه من الشكر، وبالعمل يبلغ كنه ما هو عليه، وبالطباع يكون الدوام على ما وجب عليه. والشكر مراتب: فشاكر قصر عن قدر النعمة ولا عذر له إلا أن يكون ذلك منتهة طاقته، وشاكر اقتصر على السوية فأتى كفاء ما أوتى إليه وليسى بمحسن إن أطاق الزيادة، وشاكر زاد تنفلاً وكرماً، فهذه أعلى مراتب الشكر.
قال القومسي: السلطان في تدبير الرعية كالشمس في تفصيل الأزمان، والجند كالريح في التلقيح، والعلماء من الجميع كالنبت والحيوان، والعوام في نقل الأمور كالأرض في حمل الأنام، وما يكون منه منافع الإنسان.
وقال علي بن عيسى: ليس يري مجد الحكمة إلا من كان بصر عينيه