في قلبه لا بصر قلبه في عينيه، وما أحسن ما فتق لسان البدوي بهذا المعنى في نظمه السائر:
ما الفضل فيما تريك عين ... بل هو فيما ترى القلوب
وقال علي بن عيسى: قال افلاطن: من اتصلت الحكمة بطباعه فتحتها أخرجت منها أنواع البيان المخالف لها في السكل والقوة والصورة.
وقال غيره: قال سقراط: كل مصغر ليس بمحمود ما أمكن منه الاختيار.
قال أبو سليمان، وقد سمع هذه الحكاية: ما أحسن ما قال بطليموس في كلماته في الثمرة حين قال: إذا طلب المختار المختار الأفضل فليس بينه وبين المطبوع فرق.
وقد شرح هذه الكلمة في أخواتها من الثمراة كاتب آل طولون وأربى على كل فائدة.
قلت لأبي سليمان: إذا كان في الاختيار انفعال لا محالة فلم لا يكون المطبوع أفضل منه، وإن سميته مضطراً؟ فقال: قد وضح لك قديماً أن الانفعال على ثلثة أنحاء: فنحو ينحط به المنفعل عن خاصية جوهره، باستحالة صورته، وانحلال كينونته؛ وضرب يتحرك به المنفعل على نفسه إما نقصاً لما اجتمع فيه أو استجلاباً لما انحل عنه؛ وضرب يتطاول به المنفعل إلى ما هو فوقه، مقتبساً بالقوة شوقاً إلى القدرة، جار على الشرك الواحد، فهو بالقوة الآلهية أفضل من المختار، ولكن شرف المختار عليه من جهة القدرة الموهوبة له يتخير بها، وفي هذا معنى التهليل؛ وشرف المطبوع من جهة القدرة الموجودة فيه يدوم عليها، وفي هذا المعنى العيش.
وقال آخر، وهو عيسى بن علي: قيل لبعض القدماء: كيف يكون المحرك ساكنا؟ فقال في الجواب: كالمغناطيس الذي يحرك الحديد، وكذلك الشهوة للبدن، فإن الحجر والشهوة ساكنان، وكذلك المعشوق فقال القومسي وغيره أيضاً من الحكماء البينة: قول الأول إنما يدرك