وحدها، وقضينا لها بالعلم إذا قارنت البدن. وضربوا مثلاً فقالوا: إنما مثل النفس في حاجتها إلى ذكرنا كمثل النور الذي لا يرى إلا على بدن لا يرى ذلك البدن إلا به. وكالنافخ في المزمار لا يسمع لنفخته صوت إلا بالمزمار، ولا يسمع للمزمار صوت إلا بالنفخ. وأما الذين قالوا إنها في جميع البدن فإنهم قالوا: لما رأينا النفس إذا فارقت البدن لا ينمى علمنا أن النفس حيث الأجزاء النامية، لذهاب النمو عند مفارقتها. وأما الذين قالوا أنها في جميع البدن فإنهم قالوا: لما رأينا النفس إذا فارقت البدن لا ينمي علمنا أن النفس حيث الأجزاء النامية، لذهاب النمو عند مفارقتها. وضربوا مثلاً فقالوا: مثل ذلك مثل النار التي لا تكون إلا حيث تجد غذاءها، فإذا فارقها غذاؤها بطلت. فالنار كالبدن، والغذاء كالنفس. وأما الذين قالوا لا تكون إلا في الأعضاء المحسة فقالوا: لما رأينا النفس لا تفارق البدن إلا علمت ولم نرها علمت إلا في بعض البدن، علمنا أنها ليست في جميع البدن. وضربوا مثلاً فقالوا: إنما مثل أعضاء الحس للنفس مثل المغناطيس الجرار للحديد، فهو أفق بين الحديد والحجر، وكمثل البخار الذي لا يحتاج آلة الحس لذلك. ومنهم من زعم أنها غير ذات موضع تغتذي من البدن بما يشاكلها، وأنها تعلم بالحدقة والصماخ والخياشيم، وما أشبه ذلك، مما لا يقال له ظاهر ولا باطن. وزعموا أنها تفعل بالمعدة والرئة والطحال والدماغ والدم والمرتين والبلغم من الفواعل التي لا حس لها. وزعموا أنها تعمل وتفعل بالكبد والقلب المصطفى من دم الكبد المستخلص من تصفيح الغذاء. وزعموا أن هذه الروح تنبعث من القلب في عرق أجوف ذي طرفين حتى تصل إلى الدماغ منتشرا في عصب الحس والحركة. واحتجوا بقول أسندوه إلى بعض سلفهم وأظنه أفلاطون حيث يقول: إن في البدن ثلاثة ينابيع، ولكل ينبوع جداول تفيض ما حملت إلى أقطار البدن، فأحد الينابيع الثلاثة الكبد وهو ينبوع الغذاء، وجداوله عروق الدم الساقية لجميع الأعضاء