للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بجود العقل الذي له الرتبة الأولى بقدر ما له من الفيض من العلة الأولى. ومراتب أبناء الطبيعة مختلفة اختلافاً لا نهاية له، وكل قد نال شيئاً فلا ما ناله به عرفه وطلبه ولا ما حرمه حرمه لإبائه إياه وكرهه، ولكن هكذا كان وعلى هذا بان، فليكن الرضى واقعاً بحسب الموجود ذلك المجود به عليك.

واعلم أن الصورة التي هي محيطة من الأول إلى الآخر شائعة بين الطرفين لا بينونة هناك ولا فضل، ولا حيلولة ولا نقص، فكيف يكون على هذا النهج شيء عن شيء، أو شيء سوى شيء، أو شيء في شيء؟ وإنما ثبتت هذه الأسماء بالنظر الثاني لما لحظت مواصلة لآثارها ومواصلة لقوابل آثارها، وعلى الحالين كان الإختلاف والإئتلاف، والتباين والتواصل، والتفرق والتجمع، والجيئة والذهاب، والورد والصدر، والعظم واللطف، والكبير والصغير، وجميع ما يتجوز إلى هذا الجانب ويبرز بهذا المثال في بلاد القوابل، لا في بلاد الفواعل، فسدد نحو هذين النجدين طرفك وسرب إليها رفقك ولطفك، فإنك تجد المواد التي من شأنها أن تفعل على مراتب الإنفعال، وتجد الصور التي من شأنها أن تفعل على مراتب الفعل، وتعلم أن الاعتبار تارة ينفرد بالصورة، وتارة بالمواد، وأن ما تركب منهما وبينهما واستبد بهما واستند إليهما هو في عرض ذلك الاعتبار وفي حومة ذلك النظر، وأن الشك إن قدح، والغلط إن سنح، فإنما هو من إضافة شيء إلى غير شكله، أو تحليته بغير ما هو لائق به وقد طال الغناء والحداء في هذه المواضع، فإن كان لك سمع فاطرب وترنح وخذ وجد واعدل واعقل واسلم وأقدم وانعم وارق وابق، وإن كان بك صمم فاعطف على دائك وسل عن دوائك فليس يحسن بالأخشم أن يفتري على من يشم، والسلام.

<<  <   >  >>