مفقود، والتعاضد مرتفع، والقوة محدودة، والقدم زلالة، والمنتهى حيرة. وإذا كان النظر في النفس على ماأصف مع روادف لا أفي بتسطيرها في هذا المكان، فكيف الكلام في العقل وهو البحر العميق، والمعنى الذي هو في ذلك أنيق! فكيف الكلام في العلة الأولى وهو الذي كان إليه القصد، وعليه وقف العمد، ومن أجله يحمل عبء هذا الأمر! واشتعل بارق هذه الحال وصبر على آثار الكون والفساد، وترقى في سلاليم الغرر والخطر، وتجرع كل كأس هي أمر من الصاب والصبر، وفقد شرف الإتصال بالباري، ودق البحث، ولطف النظر؟ وبقدر رتبة العقل التذ الكلام عليه وطرب على الخبر عنه، وبقدر محاسن النفس عرض العشق وبذل الصوت وجرد السعي، ويتلي عن كل إلف، وكيف لا يكون الكلام في هذه المعاني صعباً والبحث شديداً والقوة عاجزة، وأنت لو أردت آثار الطبيعة في عرصة الكون والفساد من هذه الرتبة المكلة للأبصار بعد استنفاد قواها، والمسددة للآذان بقدر استيفاء ما فيها، لم تستطع ذلك ولم تقدر عليه، نعم ولو كان كل من هو في مسكك ظهيراً لك ونظيراً معك؟ وكان أبو سليمان إذا رأى بعض أصحابه يتشدد في هذه الوجوه قال له: يا هذا أرفق فالإستقصاء فرقة إكتف من هذا المطلوب بما يجاد به عليك ويساق بزمامه إليك، ولا تعنف فالعنف محرمة. وعليك بالرفق فإنه سحر النفس، والشاعر يقول:
والدر يقطعه جفاء المحالب
وقد والله صدق وقال الحق، إن طلب ما لا ينقاد لك لتبر به مثل ما لا تنقاد له بحسرك عنه شقاء ومذلة وتضييع زمان وإمارة بسعي واحتمال خسف واختراع أسف.
النفس حاطك الله قوة شريفة آلهية بهية، واصلت أبناء الطبيعة على قدر قوابلهم