للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أدى اختلاط قوافل تجار العرب من قديم الزمن بعرب الشام وغيرهم، إلى تسرب كثير من الكلمات التجارية والحضارية من يونانية وغير يونانية إلى لغة العرب، فتعربت بمرور الزمن في العهد الجاهلي١.

ومما يدل على اهتمام الحجازيين بالتجارة كثرة الكلمات والعبارات المجازية التي وردت في القرآن الكريم، سواء فيما يتعلق بالتجارة مثل: الحساب والميزان والقسط والمثقال والذرة والقرض والربا والدينار والدرهم ... إلخ, أو فيما يخاطب التنزيل الحكيم قريشًا باللغة التي تفهمها وهي التجارة، من ذلك الآيات الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ٢، و {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِين} ، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَة} ٣. وفي القرآن الكريم آيات كثيرة مماثلة.

وحتى نساؤهم قد اشتغلن في التجارة، واشتهرت منهن عديدات مثل: خديجة بنت خويلد التي كانت تستأجر الرجال للذهاب بعروضها التجارية إلى الشمال، وهند بنت عبد المطلب، والحنظلية أم أبي جهل التي كانت تتاجر بالعطور، تستوردها من اليمن٤.

يقول "درمنجهايم": إن القرشيين قد تميزوا عن العرب جميعًا بحسن تذوقهم للعمل التجاري، فدعموا عملياتهم التجارية بتنظيم مالي ومصرفي مدهش، واستعملوا عملات مختلفة منها الدينار البيزنطي، الذي كان له المقام الأول في شبه الجزيرة، ومنها عملات يونانية أو فارسية "الدرهم الفضي الفارسي"، أو حميرية كما كان لهم موازين عامة، ويعتقد بأنهم استعملوا الميزان ذا الكفتين كما يستدل من بعض الآيات الكريمة، ومكاييل "صاع، مد، ربع صاع" أشار إليها القرآن الكريم. وكان لهم موازين خاصة دقيقة يزنون بها


١ الأفغاني: أسواق العرب، ص٣٨.
٢ الصف: ١٠-١١.
٣ البقرة: ١٦، ٨٦.
٤ أحمد إبراهيم الشريف: المصدر نفسه، ص٢١٢.

<<  <   >  >>