للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العُزَّى:

وكانت أعظم الأصنام عند قريش بعد هبل، وربما نافسته، يزورونها ويهدون لها، ويتقربون عندها بالذبح، وكانت بوادٍ من نخلة الشامية يقال له "حُراض" بين مكة والعراق. أما أول من اتخذها فهو "ظالم بن أسعد" فبنى عليها بيتا، وحمت لها قريش شعبًا من الوادي. وزعم العرب أن العزى شيطانة تأتي ثلاث سَمُرات١ ببطن نخلة، وأن أصواتًا كانت تخرج من داخل بيتها يسمعها المتعبدون. وكان العرب إذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يحلوا حتى يأتوا العزى فيطوفوا بها ويحلوا عندها، ويعكفوا عندها يومًا. وفي كتاب الأصنام رواية طريفة عن قيام خالد بن الوليد بهدم بيتها وتحطيمها، وقطع السمرات الثلاث التي قيل: إنها كانت تحيط ببيتها٢.

مناة:

وكانت معروفة في مكة, وقد شاعت عبادتها بين قبائل هذيل وخزاعة، وكان مكانها عند ساحل البحر بين المدينة ومكة، تعظمها القبائل الساكنة في تلك الجهات، ولا سيما الأوس والخزرج، إذا كانتا تخصانها بالتعظيم، كخاصة ثقيف للات وقريش للعزى، فإذا حجوا إلى مكة، عادوا إلى مناة، ليحلقوا شعرهم عندها. وربما اعتبرت مناة إلهة القضاء والقدر، أو ما يقابل الحظ المخلص عند الإغريق. وأما تحطيم صنمها، فكان في السنة الثامنة للهجرة عندما سار الرسول -صلى الله عليه وسلم- لفتح مكة, فأرسل علي بن أبي طالب للقيام بهذه المهمة، فهدمها وأخذ ما كان لها، ومن ذلك سيفان روي أن الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الغساسنة كان قد أهداهما إليها، ويقال: إن ذا الفقار سيف علي أحدهما٣.

ومن أبرز الأصنام التي عبدها العرب من أقدم العصور:

ود:

وقد اتخذته "كلب" بدومة الجندل. ويروي ابن الكلبي أن أول من آمن به وعبده


١ السمرات مفردها سمرة: شجر من العضاة وليس في العضاة أجود خشبًا منه.
٢ الأصنام: ٢٤-٢٥.
٣ الأصنام: ١٤-١٥.

<<  <   >  >>