للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-عندما أرسله عمرو بن لحي من شط جدة، وأمر بأن تدعى العرب إلى عبادته وهي في موسم الحج- عوف بن عذرة من كلب، إذ نصبه في دومة الجندل، وجعل ابنه عامرًا سادنًا له، ولم يزل بنوه يسدنونه حتى ظهر الإسلام، ولما كانت غزوة تبوك أُرسل خالد بن الوليد لهدمه، فحالت بنو عبدود وبنو عامر دون ذلك، فقاتلهم خالد حتى قتلهم وهدمه وكسره، وكان فيمن قتل آنذاك حسان بن مصاد ابن عم الأكيدر صاحب دومة الجندل.

ويصفه ابن الكلبي فيقول: "كأن تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال، قد دُبر "نقش" عليه حُلتان، متزر بحلة، مرتدٍ بأخرى، عليه سيف قد تقلده وتنكب قوسًا، وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة "جعبة" فيها نبل" ومن طريف ما روى ابن الكلبي أن رجلا يسمى حارثة الأجداري كان يهدي اللبن إلى الصنم، ويرسله مع ابنه مالك، وينقل عن مالك قوله: "كان أبي يبعثني باللبن إليه فيقول: اسقه إلهك، فأشربه"١.

وابن الكلبي يجعل عمرو بن لحي الخزاعي بطل عبادة الأصنام، فهو يدفع بهذا الصنم أو ذاك إلى هذه القبيلة أو تلك؛ لتعبده. ويظهر أن هذا الأمر كان معروفًا عنه عند ظهور الإسلام، إذ روي عن الرسول قوله: "رفعت لي النار فرأيت عمرًا رجلًا قصيرًا أحمر أزرق يجر قصبه في النار. قلت من هذا؟ قيل: عمرو بن لحي، أول من بحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة، ودعا العرب إلى عبادة الأوثان" ٢. وكان من هذه الأوثان:

سواع:

الذي دفع به عمرو إلى رجل من هذيل، يقال له الحارث بن تميم، ينتسب إلى مدركة بن إلياس، فجعله في أرض يقال لها رهاط من بطن نخلة، وتعبَّده من يليه من مضر. وحينما أجابته مذحج دفع إلى رجل منها:

يغوث:

فوضع بأكمة في اليمن يقال لها مذحج، وتعبدته مذحج ومن والاها، وأجابته هَمْدان فدفع إلى رجل منها:


١ الأصنام، ١٠، ٥٤-٥٦.
٢ الأصنام، ص٥٨.

<<  <   >  >>