للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغى أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة: فإن كان خالى الذّهن من الحكم، والتردّد فيه: استغنى عن مؤكدات الحكم.

ــ

فتعلقاته كذلك، وكذلك المذكور فى حيز الجواب فإن مدلول الجملة الشرطية إنما هو الارتباط، فليتأمل.

(تنبيه) قد يخرج عن هاتين الفائدتين أمور منها الخبر الكاذب - كما سبق - لا يقال: إن قصد إفادة العلم بالحكم فيه موجود، لأن الموجود فيه إنما هو قصد الاعتقاد الفاسد، لا قصد العلم، إلا أن يقال: الكاذب أفاد اعتقاد السامع علم المتكلم؛ إلا أنه اعتقاد فاسد، ومنها كلام العباد مع الله تعالى لا يقبل شيئا منهما لأنه عالم بجميع الكائنات، وجوابه أنه ليس من شرط الإفادة أن تكون لمن الخطاب معه، بل تكون لغيره كذا، قيل: وله جواب تحقيقى يضيق المجال عن ذكره. ومن ذلك قوله تعالى:

رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى (١)، وقوله تعالى: وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وقوله تعالى:

حكاية عن موسى صلّى الله عليه وسلّم: إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢) قد يجاب بأن فيه قصد الإنشاء ففى (إنى وضعتها أنثى) معنى تقبلها منى، وكذلك الجميع، وقيل غير ذلك.

ومنها أن الشخص قد يقصد إغاظة السامع بذلك الخبر، وجوابه أنه يرجع إلى لازم الفائدة.

ص: (فينبغى أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة، فإن كان خالى الذهن من الحكم والتردد فيه استغنى عن مؤكدات الحكم).

(ش): يعنى إذا كان قصد المتكلم المخبر أحد هذين الأمرين فينبغى أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة، فإن كان المخاطب خالى الذهن عن الحكم بأحد طرفى الخبر على الآخر، والتردد فيه استغنى عن مؤكدات الحكم،

كقولك: (زيد قائم) لمن هو خالى الذهن عن ذلك، ليتمكن من ذهنه بمصادفته خاليا، وذلك لأن خلو الذهن عن الشئ يوجب استقراره فيه، وأنشدوا فى هذا:

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكّنا


(١) سورة آل عمران: ٣٦.
(٢) سورة القصص: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>