للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان متردّدا فيه، طالبا له: حسن تقويته بمؤكّد.

وإن كان منكرا: وجب توكيده بحسب الإنكار؛ كما قال الله - تعالى - حكاية عن رسل عيسى، عليه السّلام، إذ كذّبوا فى المرّة الأولى: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١)، وفى الثانية: إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (٢).

ويسمّى الضّرب الأول: ابتدائيّا، والثانى: طلبيّا، والثالث: إنكاريّا،

ــ

وفيه نظر؛ لأن موقع البيت أنه كان خالى الذهن من هواها وهوى غيرها؛ لأن المراد بالهوى الثانى الجنس، لا الأول على ما يظهر، وإن كانا معرفتين وستأتى هذه القاعدة قريبا - إن شاء الله تعالى - فنظيره مما نحن فيه أن يكون المخاطب خالى الذهن من مطلق القيام بالنسبة إلى زيد، وغيره، فتقول له: زيد قائم، وليس هو المقصود هنا، بل المقصود أن يكون خالى الذهن من قيام زيد، سواء كان مستحضرا لقيام غيره، أم لا، ويرد على المصنف أنه ينبغى أن يقول: (من الحكم ومن التردد) لأن هذه العبارة هى المعطية لمقصوده من خلو الذهن من كل منهما، لا من مجموعهما فليتأمل.

ص: (وإن كان مترددا ... إلخ).

(ش): أى إذا كان المخاطب مترددا فى المخبر به حسن أن يقوى بمؤكد واحد، كقولك: (لزيد قائم) أو (إنه قائم)، وإن كان منكرا وجب تأكيده بحسب الإنكار فتقول لمن ينكر صدقك، ولا يبالغ: (إنى صادق) كذا فى الإيضاح، فإن قلت: وإنى صادق ليس فيها إلا مؤكد واحد، وقد مثل به الخطاب المتردد فيلزم استواؤهما، قلت: لكن المؤكد الواحد فى الصورة الأولى حسن، وفى الثانية واجب، إلا أنه يلزم استواء الابتدائى والطلبى، حيث ترك أسلوب الحسن، وعلى هذا الموضع سؤال وله بقية تحقيق يذكر فى باب الوصل والفصل.

قال: وتقول لمن يبالغ فى الإنكار: إنى لصادق، ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن رسل عيسى - عليه الصلاة والسّلام - حين أرسلهم إلى أهل أنطاكية إذ كذبوا فى المرة الأولى: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ «١» وفى الثانية لما تكرر منهم الإنكار: رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ «٢» ونقل المصنف هذا الترتيب عن المبرد. ويسمى الأول من الخبر ابتدائيا،

لكونه وقع ابتداء، والثانى طلبيا، والثالث إنكاريا.


(١) يس: ١٤.
(٢) يس: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>