إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر فيجعل غير السائل كالسائل: إذا قدّم إليه ما يلوّح له بالخبر؛ فيستشرف له استشراف الطالب المتردّد؛ نحو: وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (١).
ــ
وفى عبارة المصنف تسامح، حيث قال عن الرسل إنهم كذبوا فى المرة الأولى، وإنما كذب فيها اثنان، ولعله يريد أن القائلين: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ثلاثة، فالتكذيب الذى واجهوا به اثنين فى الأول تكذيب فى المعنى للثالث، فكأن الثلاثة كذبوا فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ والتكذيب الثانى كان أبلغ، لكونه تكذيبا لثلاثة بالصريح، ولكونه تكذيبا ثانيا، ولكونه تكذيبا بعد إقامة الدليل؛ لكونه وقع بعد تكرار الإنذار، وكان ينبغى أن يقول المصنف أن فى (ربنا يعلم) تأكيدا أيضا؛ لأنه فى معنى القسم كقوله:
ولقد علمت لتأتينّ منيّتى
فعلم الله أجدر بذلك. ونص عليه سيبويه، مع تأكيد إن واللام، ففيها حينئذ ثلاث تأكيدات، قال الزمخشرى: إن الأول ابتداء خبر، ولذلك لم يؤكد إلا بإن، وقد يعترض عليه فيه فيقال: إن التكذيب وقع صريحا، لقوله تعالى:(كذبوهما) ويمكن جوابه بأمرين:
أحدهما: أن يقال: تكذيب الثلاثة لم يقع قبل ذلك، وإنما وقع تكذيب اثنين.
الثانى: أن يقال إنه لم يعن أن الخطاب ابتدائى، بل يريد أنه خبر أول؛ فلذلك لم يحتج لكثرة التأكيد، ولا شك أنه أول خبر صدر من الثلاثة.
ص:(وإخراج الكلام عليها إخراجا على مقتضى الظاهر).
(ش): أى ويسمى إخراجا على مقتضى الظاهر، ويعنى بمقتضى الظاهر ما يقتضيه المقام، وهو أخص من مقتضى الحال؛ لأن الحال قد يقتضى الإخراج على خلاف الظاهر، كذا قيل، وفيه نظر؛ فإن الظاهر أن بين مقتضى الحال ومقتضى الظاهر عموما وخصوصا من وجه، ثم إن مقتضى الظاهر قد يكون باعتبار أحد هذه الأساليب،
وقد يكون باعتبار غيرها من اعتبارات المعانى.
ص:(وكثيرا ما يخرج الكلام على خلافه إلخ).
(ش): يعنى خلاف الظاهر (فيجعل غير السائل) يعنى خالى الذهن (كالسائل إذا