للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرابعة: هذه التأكيدات التى ذكروها إنما هى للجملة الاسمية، وأعرضوا عن تأكيد الجملة الفعلية، وعن ذكر التفاوت بين الخطاب بالاسمية والفعلية، وكان ينبغى ذكر كل منهما، ثم جعلوا الخطاب بنحو: (زيد قائم) خاليا عن التأكيد، وكان يمكن أن يقال: إنه يتضمن التأكيد؛ لتضمنه الدلالة على الثبوت والاستقرار، ولم يزل ذلك فى نفسى إلى أن وقفت على كلام التنوخى فوجدته قال فى أقصى القرب: إذا قصدوا مجرد الخبر أتوا بالجملة الفعلية، فإن أكدوا فبالاسمية، ثم (بإن)، ثم (بها وباللام) وقد تؤكد الفعلية (بقد) وإن احتيج لأكثر أتى بالقسم مع كل من الجملتين؛ وقد تؤكد الاسمية باللام فقط نحو: (لزيد قائم) وقد تجئ (قد) مع الفعلية مضمرة بعد اللام، قال امرؤ

القيس:

لناموا فما إن من حديث ولا صالى (١)

ومقتضاه أن الخطاب على درجات (قام زيد)، ثم (لقد قام) ثم (والله لقد قام)، فإنه جعل الفعلية كلها دون الاسمية، ثم قال: إنها تؤكد (بالقسم) و (بقد)، فعلمنا أنها بجميع درجاتها دون الفعلية (٢) ثم (إن زيدا قائم) و (لزيد قائم). ولم يتبين من كلامه أيهما آكد؟ ويظهر أن التأكيد (بإن) أقوى لوضعها لذلك، ثم (إن زيدا لقائم) ثم (والله لزيد قائم) (والله إن زيدا قائم)، ثم (والله إن زيدا لقائم). وقد يقال عليه: إن قوله إذا أرادوا مجرد الخبر أتوا بالجملة فيه نظر؛ لأن الفعلية يقصد بها التجديد، وتعيين الزمان، لا مجرد الخبر؛ إلا أن يريد مجرد الإخبار بالنسبة المتجددة فى وقتها من غير قصد زيادة التأكيد. وإن قوله: إن الجملة الاسمية للتأكيد فيه نظر؛ فإن الاسم وإن دل على الثبوت والاستقرار فإنما يدل على استقرار مصدره الذى اشتق منه، فالتأكيد فى (زيد قائم) للقائم المفرد، لا للجملة التى كلامنا الآن فيما يؤكدها، كما تقدم فى التأكيد بأن المفتوحة، فإن تم هذا الجواب ظهر عذر البيانيين فى كونهم لم يعدوا الجملة الاسمية خطابا طلبيا ولا


(١) عجز بيت من الطويل، وصدره: حلفت لها بالله حلفة فاجر، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣٢، والأزهية ص ٥٢، وخزانة الأدب ١٠/ ٧١، ٧٣، ٧٤، ٧٧، ٧٩ والدرر ٢/ ١٠٦.
(٢) دون الفعلية كذا فى الأصل ولعل الصواب: دون الاسمية كما هو ظاهر كلامه سابقا، ولاحقا، فتأمل.
كتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>