للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن مؤكدات الجملة أيضا (أما) فإنها من ألفاظ التأكيد، قال الزمخشرى فى قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ (١) فائدة (أما) فى الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول: (زيد ذاهب)، فإذا قصدت توكيد ذلك، وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة؛ قلت: (أما زيد فذاهب) ولذلك قال سيبويه فى تفسير (مهما يكن من شئ فزيد ذاهب): وهذا التفسير مدل بفائدتين: بيان كونه تأكيدا، وأنه فى معنى الشرط اهـ كلامه. ومن مؤكدات الجملة (ألا) التى هى حرف استفتاح؛ فإنها للتأكيد كما صرح به الزمخشرى فى قوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ (٢) ويدل عليه قولهم: إنها للتحقيق، أى تحقيق الجملة بعدها، وهذا معنى التأكيد قال الزمخشرى: ولكونها بهذا المنصب من التحقيق لا تكاد الجملة تقع بعدها إلا مصدرة بنحو ما يلتقى به القسم، نحو:

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ (٣) ومنها (السين) التى للتنفيس - على رأى الزمخشرى - فإنه قال فى قوله تعالى: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ (٤): السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة، فهى تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد، فى قولك: (سأنتقم منك يوما) تعنى أنك لا تفوتنى وإن تباطأ ذلك، ونحوه: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٥)، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٦)، سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ (٧) اهـ. وقال فى قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ: فإن قلت: ما معنى الجمع بين حرفى التأكيد والتأخير؟ قلت: معناه أن العطاء كائن لا محالة، وإن تأخر اهـ. يريد أن حرف التأكيد اللام، وحرف التأخير السين، وأن كون العطاء واقعا لا محالة مستفاد من اللام، وأن التأخير مستفاد من السين، وظاهره يخالف ما

ذكره فى سورة التوبة، ونقل الطيبى عن صاحب التقرير أن ما قاله الزمخشرى فيه نظر وهو جدير بالنظر؛ لأنه كالمتفرد به،


(١) سورة البقرة: ٢٦.
(٢) سورة البقرة: ١٢.
(٣) سورة يونس: ٦٢.
(٤) سورة التوبة: ٧١.
(٥) سورة مريم: ٩٦.
(٦) سورة الضحى: ٥.
(٧) سورة النساء: ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>