وقولنا: بتأوّل خ خ: يخرج ما مرّ من قول الجاهل؛ ولهذا لم يحمل نحو قوله [من المتقارب]:
أشاب الصّغير وأفنى الكبي ... ر كرّ الغداة ومرّ العشى
ــ
مثل: عيشة راضية، أو للمفعول مثل: سيل مفعم؛ على أنه قيل فى عيشة راضية غير ذلك، فقال البصريون: هو على إرادة النسب، أى عيشة ذات رضا، وفيها ضمير الفاعل، كما هو فى قولك: رجل هندى. وقال الكوفيون: أصله مرضية، فأقيم راضية، مقام مرضية. قال الفارسى: فعلى هذا ليس الضمير المستتر فاعلا، بل هو قائم مقامه، فعلى الوجهين هو مجاز إفرادى لا عقلى، وقيل: الأصل راض صاحبها، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فارتفع مستترا، وأنث لإسناده لمؤنث، وقيل: راضية معناه كاملة. وقوله: وسيل مفعم الكلام فيه كعيشة راضية فتطرقه هذه الأقوال وكذلك الجميع وقوله: شعر شاعر تقدم الكلام عليه.
(تنبيه): عرف مما سبق أن الإسناد إلى الفاعل والمفعول أقسام أربعة:
أحدها - أن يسند إلى الفاعل والفعل مبنى له مثل: (قام زيد).
الثانى - أن يسند إلى الفاعل والفعل مبنى للمفعول مثل: (رضى صاحب العيشة).
الثالث - أن يسند إلى المفعول والفعل مبنى للفاعل، مثل: (عيشة راضية).
الرابع - أن يسند إلى المفعول وهو مبنى له مثل: (ضرب زيد).
(تنبيه): المراد بقولنا الإسناد إلى المفعول وما معه هو الذى كان مفعولا، وكذلك فى الجميع، ولا نعنى أنا نسند إليه حال كونه مفعولا، فلا نقول: إن راضية بمعنى مرضية، والضمير للفاعل، ولو قلنا ذلك لتهافت، بل الصيغة فاعل لفظا صناعيا، ومعنى مجازيا.
(تنبيه): لك أن تقول: الملابسة لا تختص بالسببية، بل جميع العلاقات المذكورات فى المجاز اللفظى ينبغى أن تأتى فى المجاز الإسنادى.
قوله: (وقولنا بتأول يخرج ما مر من قول الجاهل) يعنى قوله: أنبت الربيع البقل، ويعنى الجاهل بالله تعالى، وهو الكافر.
قوله: ولهذا لم يحمل على المجاز قول الصلتان العبدى، وقيل السعدى:
أشاب الصّغير وأفنى الكبي ... ر كرّ الغداة ومرّ العشى (١)
(١) الأبيات من المتقارب، وهى للصلتان العبدى: قثم بن ضبية العبدى، فى شرح الحماسة للمرزوقى ص ١٢٠٩، والمعاهد ١/ ٧١، ولطائف التبيان للطيبى ص ١١٧ بتحقيقى، والتبيان للطيبى ١/ ٣٢٠ بتحقيقى، ونهاية الإيجاز -