للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذى تعتقدون أنه الدهر، فإن الله هو الفاعل الحقيقى، فحينئذ الدهر فى الموضعين واحد، فهو على القاعدة وهذا الذى قاله الراغب حسن، إلا أن الجمع بينه وبين قوله صلّى الله عليه وسلّم حين بلغه سب المشركين له:" إنهم يسبون مذمما وأنا محمد" (١)، يحتاج إلى تأمل، ومما أعيدت فيه المعرفة معرفة والثانى غير الأول بالقرائن قوله تعالى: وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (٢) ومن ذلك قوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ (٣) فالملك الذى يؤتيه الله العبد لا يمكن أن يكون نفس ملكه فقد اختلفا وهما معرفان؛ لكن يصدق أنه إياه باعتبار أصل الاشتراك فى الاسم كما صرح بنحوه فى قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ (٤) فقد أعاد الضمير فى الفضل المستغرق باعتبار أصل الفضل، ومما ذكرناه يعلم أن قول بعض البيانيين أن تؤتى الملك من يشاء لا يمكن أن يكون من وضع الظاهر موضع المضمر لا تحقيق له، ونظيرها قوله تعالى: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (٥) إلا أن العزة الأولى نظير الملك الثانى، والعزة الثانية نظير الملك الأول وأما قوله تعالى فى سورة البقرة: بِالْمَعْرُوفِ (٦) وقوله تعالى فيه أيضا: مِنْ مَعْرُوفٍ (٧) فهى من إعادة النكرة معرفة، لأن من معروف وإن كان فى التلاوة بعد المعرف فهو فى الإنزال متقدم عليه، وهذه القاعدة تعرض لها الأصوليون فى نحو: صل ركعتين، هل يكون أمرين والثانى تأسيس أو لا وفيها خلاف مشهور، ومما ينبنى على هذه القاعدة، إذا قال: إن رأيت رجلا فأنت طالق، وإن رأيت رجلا فعبدى حر، الظاهر أنه لا يجب أن يكون الثانى غير الأول بل إذا رأت رجلا حصل العتق والطلاق، ولو تخللت رؤية رجل بين التعليقين، ثم وجدت رؤية ذلك الرجل بعد التعليق الثانى عتق العبد بلا توقف، ذكر الفرعين الوالد فى بعض تعاليقه، ومما يجب التنبه له، أن المراد بذكر الاسم مرتين كونه مذكورا فى كلام واحد، أو كلامين بينهما


(١) أخرجه البخارى فى" المناقب"، باب: ما جاء فى أسماء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (٦/ ٦٤١)، (ح ٣٥٣٣). من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.
(٢) سورة العنكبوت: ٤٧.
(٣) سورة آل عمران: ٢٦.
(٤) سورة آل عمران: ٧٣.
(٥) سورة النساء: ١٣٩.
(٦) سورة البقرة: ١٧٨، ٢٤١.
(٧) سورة البقرة: ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>