للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: وقد يقدّم؛ لأنه دالّ على العموم؛ نحو: (كلّ إنسان لم يقم)؛ بخلاف ما لو أخّر؛ نحو: (لم يقم كلّ إنسان)؛ فإنه يفيد نفى الحكم عن جملة الأفراد، لا عن كلّ فرد؛ وذلك لئلا يلزم ترجيح التأكيد على التأسيس؛ لأن الموجبة المهملة المعدولة المحمول فى قوّة السالبة الجزئيّة المستلزمة نفى الحكم عن الجملة دون كلّ فرد، والسالبة المهملة فى قوة السالبة الكليّة المقتضية للنفى عن كلّ فرد؛ لورود موضوعها فى سياق النفى:

وفيه نظر:

١ - لأنّ النفى عن الجملة فى الصورة الأولى (١)، وعن كلّ فرد فى الثانية (٢): إنما أفاده الإسناد إلى ما أضيف إليه كل (٣)، وقد زال ذلك الإسناد؛ فيكون تأسيسا لا تأكيدا.

٢ - ولأنّ الثانية (٤) إذا أفادت النفى عن كل فرد، فقد أفادت النفى عن الجملة، فإذا حملت على الثانى لا يكون كلّ (٥) تأسيسا، ولأنّ النكرة المنفيّة إذا عمّت، كان قولنا لم يقم إنسان كلية لا مهملة.

ــ

ص: (قيل: وقد يقدم ... إلخ).

(ش): ذهب كثير من أهل هذا العلم إلى أن تقديم المسند إليه قد يكون لإفادة العموم، فقوله: قد يقدم لأنه يعنى؛ لأن التقديم دليل على العموم نحو: كل إنسان لم يقم فإنه يفيد نفى الحكم عن كل واحد بخلاف لم يقم كل إنسان فإنه يفيد نفى الحكم عن جملة الأفراد، أى عن مجموعها لا عن كل فرد، أى لا ينفيها عن كل فرد إنما ينفى المجموع، وهو يصدق بنفى فرد واحد.

أما الدليل على أن كل إنسان لم يقم معناه كل واحد فهو أن قولنا: إنسان لم يقم مهملة، لأنها غير مسورة وهى موجبة معدولة المحمول، والموجبة المعدولة المحمول المهملة فى قوة السالبة الجزئية المستلزمة نفى الحكم عن الجملة دون كل فرد، أى لا تدل على نفى الحكم عن كل فرد لا لأنها تدل على عدمه، وإذا كانت دالة على النفى عن الجملة كانت فى قوة الجزئية، لأن معناها ليس كل إنسان بقائم، فلو كانت كل إنسان لم يقم لا تفيد غير نفى الحكم عن الجملة لكانت للتأكيد فيلزم ترجيح التأكيد على التأسيس.


(١) وهى كل إنسان لم يقم.
(٢) وهى لم يقم كل إنسان.
(٣) وهو لفظ إنسان.
(٤) وهى لم يقم كل إنسان.
(٥) فى بعض النسخ؛ حذفت كل خ خ.

<<  <  ج: ص:  >  >>