للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بدّ من قرينة: كوقوع الكلام جوابا لسؤال محقّق؛ نحو: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (١)،

ــ

أولى، وأما خصوص هذه الآية فالمعنى فيها على نسبة الصبر إليه فالأحسن تقدير: أمرى صبر جميل، وهو الموافق للمدح. قال الخطيبى: ولأن المصادر المنصوبة إذا ارتفعت تكون على معناها فى النصب، وفى النصب إذا قلت: صبرت صبرا جميلا فأنت مخير بحصول الصبر لك، فحذف المبتدأ يوافق معنى النصب، قلت: هذا إن أراد به ما قبله فقد سبق، وإن أراد غيره فهو ضعيف؛ لأن المصدر المنصوب لا يدل على نسبة للمتكلم، فإن المصدر المنصوب قد يكون عن صبرت وعن أصبر، وليس فى أصبر إخبار بحصول الصبر بل وعد به، ومن هذا قوله تعالى: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ (٢) يحتمل الأمرين، ومن ذلك: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ (٣) على قراءة من لم ينون، قيل: إنه صفة والخبر محذوف، التقدير: عزير ابن الله إلهنا أو إلهنا عزيز ابن الله، وأورد عليه أنه يلزم أن يكون التكذيب ليس عائدا إلى البنوة، لأن صدق الخبر وكذبه راجع إلى نسبة الخبر لا إلى صفته، وقد سبق ما يعترض به على هذا، وأجاب عنه الوالد بأن (عزيز ابن الله) جزء الجملة حكى فيه لفظهم، أى: قالوا هذه العبارة القبيحة، وحينئذ فلا يقدر خبر ولا مبتدأ، وقيل: (ابن الله) خبر وحذف التنوين من (عزيز) للعجمة والعلمية، وقيل: حذف تنوينه لالتقاء الساكنين؛ لأن الصفة مع الموصوف كالشئ الواحد كقراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ (٤) بل هنا أوضح لأنه فى جملة واحدة، ومن هذه المادة ما ذكره المصنف: وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ (٥) إما أن يقدر آلهتنا ثلاثة أو لنا ثلاثة من الآلهة، ورد المصنف الأول بأنه يلزم أن يكون المنفى كون آلهتهم ثلاثة لا كونهم آلهة، فإن النهى إنما يكون للنسبة المستفادة من الخبر. قلت:

وفيما قاله نظر؛ لأن نفى كون آلهتهم ثلاثة يصدق بأن لا يكون للآلهة الثلاثة وجود بالكلية؛ لأنه من السالبة المحصلة، فمعناه ليس آلهتكم ثلاثة، وذلك يصدق بأن لا يكون لهم آلهة.

ص: (ولا بد من قرينة ... إلخ).

(ش): أى: لا بد لحذف المسند من قرينة تميزه، والقرينة إما سؤال محقق أى واقع نحو قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ تقديره:


(١) سورة لقمان: ٢٥.
(٢) سورة محمد: ٢١.
(٣) سورة التوبة: ٣٠.
(٤) سورة الإخلاص: ١، ٢.
(٥) سورة النساء: ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>