للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مقدّر؛ نحو [من الطويل]:

ليبك يزيد ضارع لخصومة ...

وفضله على خلافه (١): بتكرّر الإسناد إجمالا ثم تفصيلا، وبوقوع نحو يزيد غير فضلة، وبكون معرفة الفاعل كحصول نعمة غير مترقّبة؛ لأنّ أوّل الكلام غير مطمع فى ذكره.

ــ

خلقهن الله، والمعنى: يتحقق السؤال هاهنا تحققه قبل الجواب لا أنه محقق الوقوع عند نزول الآية؛ لأن فعل الشرط مستقبل المعنى، بل الاقتصار على لفظ الجلالة الكريمة يستدعى تقدم سؤال استغنى به عن ذكر خلقهن، وتارة يكون سؤالا مقدرا، أى: غير منطوق به كقول الحارث بن ضرار النهشلى، وقيل: للحارث بن نهيك، وقيل: لمرة بن عمرو النهشلى، وهو من أبيات سيبويه، و (يزيد) هو: يزيد بن نهشل:

ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط ممّا تطيح الطّوائح (٢)

فإنه لما قال: ليبك يزيد؛ كأن سائلا سأله من يبكيه؟ فقال: ضارع، أى: يبكيه ضارع، وما ذكره المصنف قد ذكره النحاة أيضا، وقد يقال: تقدير الباكى ضارع أحسن لأنه حيث أمكن تقدير الاسم فلا يقدر الفعل - ذكره سيبويه - وعلى هذا فلا يكون هذا من حذف المسند، بل من حذف المسند إليه، وقد يجاب عنه بأن تقدير الفعل هنا يرجح لتقدم لفظ الفعل؛ ولهذا قدروا الفعل فى قوله تعالى: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ (٣) على قراءة يسبح بالبناء للمفعول، وهو كيبك، على أنه يحتمل أنه لا يكون من الحذف بالكلية ويكون (يزيد) منادى أى: ليبك يا يزيد لفقدك، ويكون (ضارع) هو الفاعل إن كانت الرواية بفتح ياء (يبك) ونائب عنه إن كانت الرواية بضمها، ومنه قوله تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ (٤) على قراءة فتح الباء وكَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ (٥) على قراءة فتح الحاء. قال: (وفضله على غيره) أى: فضل تركيب ليبك بالبناء للمفعول على الرواية الشهيرة على ما لو كان مبنيا للفاعل ثلاثة أمور: أحدها - تكرر الإسناد إجمالا


(١) أى رجحان نحو (ليبك يزيد ضارع مبنيا للمفعول على خلافه يعنى ليبك يزيد ضارع، مبنيّا للفاعل ناصبا ليزيد ورافعا لضارع).
(٢) البيت من الطويل، انظر المصباح ٤٦، وشرح شواهد الإيضاح ٩٤، والشاهد فى حذف فعل ضارع إذ التقدير: يبكيه ضارع وهو للحارث بن نهيك، المعجم المفصل ٢/ ٧٥، ٧٦.
(٣) سورة النور: ٣٧.
(٤) سورة النور: ٣٦، ٣٧.
(٥) سورة الشورى: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>