وتفصيلا، يعنى: أنه أسند إلى شخص ما مجملا؛ لأنه مع البناء للمفعول لا يكون الفاعل مفصلا، ولك أن تقول: ليس مع البناء للمفعول إسناد للفاعل لا إجمالا ولا تفصيلا، غايته أن النائب عن الفاعل يستلزم وجود فاعل، فهو يدل على الفاعل بالالتزام، ولا إسناد فيه للفاعل، ودلالته الالتزامية على الفاعل لا على الإسناد وبينهما فرق؛ ثم نقول: قوله: تكرر الإسناد إجمالا وتفصيلا، قد يقال: إن هذه العبارة تستدعى تكرر الإسناد إجمالا وهو يستلزم إسنادين إجماليين وتكرره تفصيلا كذلك، فيستلزم الإسناد أربع مرات وهو فاسد غير مراد، إلا أن يؤول على أن قوله إجمالا وتفصيلا تفصيل لما أجمله لفظ التكرر من باب اللف والنشر.
الثانى - أنه لو وقع الإسناد فيه إلى الفاعل لوقع يزيد فيه مفعولا، وهو فضلة، والعمدة أولى من الفضلة، وقد يقال: إن هذا فى المعنى يرجع إلى الأول. وقال فى المفتاح: وكونه فضلة يستلزم عدم الاعتناء بشأنه، وكونه مقدما يقتضى الاعتناء، وتأخير الفاعل يقتضى عدم الاعتناء به، وكونه عمدة يوجب الاعتناء فيتناقض. قال:
وفيه نظر يذكر فى الحواشى خ خ. قيل: وجه النظر أنه إن كان التناقض لازما فليلزم عند بنائه للمفعول، وذكر ضارع بعده؛ لأن تقديره: يبكيه ضارع؛ فقد تقدم المفعول؛ وقيل:
وجه النظر أن البناء للمفعول يقتضى أنه مقصود البيان، وذكر الفاعل يقتضى أنه مقصود فيتناقض. وفيه نظر؛ لأنهما قد يقصدان، وقيل: لأن المبنى للمفعول أولى بالتناقض؛ لأن فيه عمدتين، كل منهما يطلب التقديم بخلاف الفضلة فإنها وإن تقدمت فهى فى نية التأخير، قيل: لو صح ما قاله لكان تقديم المفعول على الفاعل قبيحا وليس كذلك. وقيل أيضا: لو كان ذلك قبيحا لكان رأيت شجاعا فى الحمام أفصح من رأيت أسدا فيه، لإيهام الثانى التناقض.
الثالث - أن أول الكلام غير مطمع للسامع فى ذكر الفاعل فيحصل السرور بوروده؛ لأنه كنعمة جديدة، قلت: بل ذكر النائب عن الفاعل يحصل اليأس من الفاعل، فذكره بعد ذلك كالفرج بعد الشدة وهذا أخص من قولهم: غير مطمع، والخطيبى قال فى شرح المفتاح: إنه قد يرجح البناء للفاعل بوجوه؛ لأنه مخالف للأصل؛ لأن فيه حذفا كثيرا ويحتاج لإيراد سؤال وجواب، وفيه التباس لاحتمال أن يكون ضارع فاعلا وخبرا.