للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جوابه مثبتا أوضح؛ لأن دلالته على الأمرين بالوضع، ودلالة الجواب المنفى على الكلى إنما هو بالمنطوق فى بعض وبالمفهوم فى بعض.

ومنها قوله سبحانه وتعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (١) وقوله تعالى: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢)، والصدق خير، فعلوه، أم لم يفعلوه وجوابه: أن المعنى لو وقع منهم فعل هو خير، وامتناع ذلك بأن لا يقع منهم فعل، ونظيره قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٣) ونظيره قوله تعالى: لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ (٤) إن لم يكن الجواب محذوفا.

ومنها قوله تعالى: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ (٥) التقدير: ولو لم تمسسه نار لكان يضئ، ولا يصح الجواب بأنه إذا مسه لا يكاد يضئ بل يضئ كقوله تعالى: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٦) لأن الواو فى (ولو لم تمسسه) يقتضى أنه كان يضئ مسته نار أم لم تمسه، ولعله مجاز وكناية عن شدة الصفاء. نعم يبقى السؤال عن كونه يكاد يضئ إذا مسته النار، وما يفهمه كاد من أنه لم يضئ مع مس النار له، أما عند من قال: إن إثباتها نفى؛ فواضح، وأما على القول الصحيح؛ فلأنه لا يقال: (كاد زيد يفعل إذا فعل)، ولا يصح الجواب بما أجيب به فى قوله تعالى: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧) من أنهم ذبحوا بعد أن لم يقاربوا؛ لأنهم كانوا بعيدين من ذلك؛ لأنه لا يخبر بأن من فعل الشئ قارب أن يفعله ثم فعله، بخلاف كونه قارب أن لا يفعل ثم فعل؛ فإنه مستغرب. والذى يظهر فى الجواب أن المراد مقاربة الزيت للإضاءة فى الحالين، والإضاءة من الزيت غير واقعة فى شئ من الحالين؛ إنما الواقع

مقاربتها، لأن النار هى المضيئة.

ومنها قوله:" لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه" (٨) فإن ذلك خير، علم أم لم يعلم، وجوابه:


(١) سورة النساء: ٦٦.
(٢) سورة محمد: ٢١.
(٣) سورة الحجرات: ٥.
(٤) سورة البقرة: ١٠٣.
(٥) سورة النور: ٣٥.
(٦)،
(٧) سورة البقرة: ٧١.
(٨) أخرجه البخارى فى" الصلاة"، باب: إثم المار بين يدى المصلى"، (١/ ٦٩٦)، (ح ٥١٠)، وكذا مسلم فى" الصلاة"، (ح ٥٠٧)، من حديث أبى جهيم، وليس فى الحديث لفظة" من الإثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>