للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لاستحضار الصورة؛ كما فى قوله تعالى: فَتُثِيرُ سَحاباً (١) استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالّة على القدرة الباهرة.

ــ

وقوله: (أو لاستحضار) معطوف على قوله: (لتنزيله)، أى: قد يؤتى بالفعل المضارع ماضى المعنى، وإن لم يكن بعد (لو) لقصد استحضار الصورة؛ لأن الاستحضار من شأنه أن يكون للحال، الذى من شأنه أن يعبر عنه بالمضارع؛ فإثارة الريح السحاب الذى قد أرسل، وإن كانت ماضية إنما عبر عنها بالمضارع فى قوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ (٢) لإفادة ذلك، والمقصود استحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة.

(قلت): ويمكن أن يجعل ذلك لإفادة الاستمرار، فإن قلت: لو أريد الاستمرار لأتى بالفعل المضارع فى الجميع؛ قلت: وكذلك إذا أريد الاستحضار؛ إلا أن يقال: أتى بالفعل الماضى أولا؛ لأنه لو أتى بالمضارع لم يبق ما يدل على أن المراد الإخبار عن الماضى. وأما قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً (٣) الآية فلعله قصد بها المستقبل؛ ليحصل من مجموع الآيتين الإخبار عن حالتى المضى والاستقبال.

(فائدة): ذكر الوالد - رحمه الله - فى تفسيره فصلا يتعلق بما نحن فيه فقال عند الكلام على قوله تعالى: ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ (٤) ما نصه: فإن قلت: هل من فرق بين دخول لو الامتناعية على الماضى ودخولها على المضارع؟ قلت: قد تتبعت مواقعها فوجدتها إذا دخلت على مضارع كان ممكنا متوقعا، أو كالمتوقع، ويكون المقصود إثبات الجواب، مثال المتوقع هذه الآية، فإن مشيئة الله الانتقام منهم متوقعة، إلا إن عنى زمن الخطاب، والمقصود إثبات الانتقام على ذلك التقدير لا نفى المشيئة، وكذلك قوله تعالى: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (٥)، وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا (٦)، أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ (٧)، لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ (٨)، وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا (٩)، وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ (١٠)، وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ


(١) سورة الروم: ٤٨.
(٢) سورة فاطر: ٩.
(٣) سورة الروم: ٤٨.
(٤) سورة محمد: ٤.
(٥) سورة البقرة: ١٦٥، وهى بالياء.
(٦) سورة الأنعام: ٢٧.
(٧) سورة الرعد: ٣١.
(٨) سورة الأعراف: ١٠٠.
(٩) سورة يس: ٦٦.
(١٠) سورة يس: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>