بالآخرة، وأهل الكتاب يوقنون بها وبغيرها، وهذا فهم عجيب: ثم قال هذا القائل: ثم إن التعريض فى قوله: (يأهل الكتاب) وبما كانوا، وأن قولهم ظاهر معنى قول الزمخشرى قال هذا القائل: وأما فى قوله: وأن اليقين مشكل؛ لأنه ليس فيه تعريض بأن اليقين ما عليه من آمن، بل تصريح، قلت: مراد الزمخشرى أن التصريح بأن من آمن يوقنون، تعريض بأن أهل الكتاب لا يوقنون فكيف يرد عليه هذا؟! ثم قال هذا القائل: فالوجه أن يقال: وأن اليقين عطف على قوله: تعريض لا على معمولاته من يأهل الكتاب إلخ، وكأنه قال: وفى تقديم الآخرة وبناء يوقنون على هم تعريض، وأن اليقين، قلت: مراد الزمخشرى أنه تعريض بنفى اليقين عن أهل الكتاب، فكأنه قال:
دون غير من آمن، فلا يرد عليه ولا يحتاج إلى تقدير العطف على ما ذكره هذا القائل، وهو إما أن يقدر دون غيرهم،
أو لا فإن قدر فهو تعريض لا تصريح، وإن لم يقدر فلا يحتاج إلى بناء يوقنون على هم، فحمل كلام الزمخشرى على ما زعمه هذا القائل لا يصح بوجه من الوجوه، وهذا القائل فاضل، وإنما ألجأه إلى ذلك فهمه الحصر، وهو ممنوع، وعلى تقدير تسليمه فالحصر على ثلاثة أقسام:
أحدها: بما وإلا كقولك: ما قام إلا زيد، صريح فى نفى القيام عن غير زيد، ويقتضى إثبات القيام لزيد، قيل: بالمنطوق، وقيل: بالمفهوم، وهذا هو الصحيح، لكنه أقوى المفاهيم، لأن إلا موضوعة للاستثناء وهو الإخراج، فدلالتها على الإخراج بالمنطوق لا بالمفهوم، ولكن الإخراج من عدم القيام، ليس هو عين القيام بل قد يستلزمه؛ فلذلك رجحنا أنه بالمفهوم، والتبس على بعض الناس لذلك فقال: إنه بالمنطوق.
والثانى: الحصر بإنما وهو قريب من الأول فيما نحن فيه، وإن كان جانب الإثبات فيه أظهر، فكأنه يفيد إثبات قيام زيد إذا قلت: إنما قام زيد، بالمنطوق ونفيه عن غيره بالمفهوم.
القسم الثالث: الحصر الذى قد يفيده التقديم، وليس هو على تقدير تسليمه، مثل:
الحصرين الأولين، بل هو فى قوة جملتين إحداهما ما صدر به الحكم نفيا كان أو إثباتا، وهو المنطوق، والأخرى ما فهم من التقديم والحصر يقتضى نفى المنطوق فقط دون ما دل عليه من المفهوم، لأن المفهوم لا مفهوم له، فإذا قلت: أنا لا أكرم إلا إياك