للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقل تقديمهما بحالهما؛ نحو: ما ضرب إلّا عمرا زيد (١)، وما ضرب إلا زيد عمرا (٢)؛ لاستلزامه قصر الصفة قبل تمامها.

ــ

يكون نفى الزيادة عليه فهذه هى حقيقة القصر، نعم هو قصر قلب لغير ما ذكره، وهو أنه واقع فى مقابلة قول النصارى عنه أنه قال: اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ (٣) فإن نسبتهم ذلك إليه لا تجتمع مع نسبتهم إليه الاعتراف بالوحدانية، ثم مما تختلف فيه أدوات القصر أن المقصور عليه يؤخر مع كلمة الاستثناء عن المقصور، والسر فى ذلك أن القصر أثر عن الحرف، الذى هو إلا، ويمتنع ظهور أثر الحرف قبل وجوده، وذلك سواء كان بين مبتدأ وخبر، أم فعل وفاعل، أم غيرهما، فتقول: ما ضرب إلا زيد، فزيد مقصور عليه، والضرب مقصور. وتقول فى قصر الفاعل على المفعول: ما ضربت إلا زيدا، وفى قصر المفعول على الفاعل: ما ضرب عمرا إلا زيد. وتقول فى قصر المفعول الأول على الثانى: ما ظننت قائما إلا زيدا، وما كسوت جبة إلا زيدا، وفى قصر ذى الحال على الحال: ما جاء زيد إلا راكبا، وفى عكسه: ما جاء راكبا إلا زيد.

هذا هو الأصل، وقد يقع خلافه، وإليه أشار المصنف بقوله: (وقل تقديمهما بحالهما) احترازا عن تأخير حرف الاستثناء، والمستثنى على المستثنى منه، كقولك: ما ضرب إلا عمرا زيد، وما ضرب عمرا إلا زيد. والمراد: ما ضرب زيد إلا عمرا احترازا من قولنا: ما ضرب عمرا إلا زيد، لغير هذا المعنى؛ فإنه ليس قليلا، وإنما كان هذا النوع قليلا؛ (لاستلزامه قصر الصفة قبل تمامها) كالضرب الصادر من زيد فى: ما ضرب زيد إلا عمرا والواقع على عمرو فى: ما ضرب عمرا إلا زيد، ومن هذا القليل ما أنشد سيبويه:

النّاس إلب علينا فيك ليس منّا ... إلّا السّيوف وأطراف القنا ورد

وأنشد صاحب المغرب:

فلم يدر إلا الله ما هيّجت لنا


(١) أى: فى قصر الفاعل على المفعول، وفى بعض النسخ:" ما ضرب عمرا زيد"، وهو خطأ.
(٢) فى قصر المفعول على الفاعل. وفى بعض النسخ: (وما ضرب زيد عمرا).
(٣) سورة المائدة: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>