(تنبيه): مقتضى عبارة المصنف والشارحين أن القصر يدور بين الفاعل وبين المفعول الأول والثانى، ونحوه، وفيه نظر فقد يقال: بل هو أبدا فى الجملة الفعلية دائر بين الفعل والمقصور عليه، فيكون بين الفعل والفاعل، وبين الفعل والمفعول، وعلى هذا ويشهد له عبارة المصنف فى الإيضاح حيث قال: لاستلزامه قصر الصفة قبل تمامها، والمعنى يشهد لذلك فإن المقصور المصدر المستفاد من الفعل لا الفاعل.
(تنبيه): قال المصنف فى الإيضاح: وقيل إذا أخر المقصور عليه والمقصور عن إلا، وقدم المرفوع كقولنا: ما ضرب إلا عمرو زيدا، فهو كلامان، التقدير ما ضرب أحد إلا عمرو، وزيدا المذكور منصوب بفعل محذوف، كأنك قلت: ما ضرب إلا عمرو، أى: ما وقع ضرب إلا منه، ثم قيل: من ضرب؟ فقلت: زيدا، أى: ضرب زيدا، كما سبق فى قوله:
ليبك يزيد ضارع لخصومة
قال المصنف: وفيه نظر لاقتضائه الحصر فى الفاعل والمفعول معا قلت: فيه نظر؛ لأنه إنما يقتضى حصر الفاعلية فقط، لا حصر المفعولية، ولو اقتضى حصر المفعولية لحملنا ذلك على أنه بعامل مقدر لا بالأول فلا معية ثم نقول: ما ذكره المصنف ينبنى على أنه هل يجوز أن يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان أو لا؟ وقد تكلم الوالد - رحمه الله - على ذلك فى كتاب الحلم والأناة فى تفسير: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وها أنا أذكر شيئا منه قوله تعالى: لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ (١) المختار أن يؤذن لكم حال، والباء مقدرة، وغير ناظرين حال ثان، وجوز الشيخ أبو حيان أن الباء للسببية، ولم يقدر الزمخشرى حرفا، بل قال:(أن يؤذن) فى معنى الظرف، أى: وقت أن يؤذن، وأورد عليه أبو حيان أن المصدر لا يكون فى معنى الظرف، وإنما ذلك فى المصدر الصريح، نحو: أجيئك صياح الديك، ويمتنع من جهة المعنى أن يكون (غير ناظرين) حالا من يؤذن، وإن صح من جهة الصناعة. قال الزمخشرى: وقع الاستثناء على الوقت والحالة معا، كأنه قيل:
لا تدخلوا إلا وقت الإذن، ولا تدخلوا إلا غير ناظرين، فورد عليه أنه يكون استثناء ظرف وحال بأداة واحدة، والظاهر أنه قال: ذلك تفسير معنى قوله: وقع الاستثناء على