الوقت والحال معا، أى: لأن الاستثناء المفرغ يعمل ما قبله فيما بعده، فالمستثنى فى الحقيقة هو المصدر المتعلق بالظرف والحال، كأنه قيل له: لا تدخلوا إلا دخولا موصوفا بكذا، ولست أريد تقدير مصدر عامل، فإن العمل للفعل المفرغ، وإنما أردت شرح المعنى، ومثل هذا الإعراب مختاره فى مثل قوله تعالى: وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ (١) ولو قدرنا اختلفوا بغيا لفات الحصر فيمكن حمل كلامه على هذا، وأورد عليه أبو حيان أنه لا يصح أن يكون حالا من لا تدخلوا؛ إذ لا يقع عند الجمهور بعد إلا إلا المستثنى أو صفته، وهو إيراد عجيب؛ لأن الزمخشرى لم يرد: لا تدخلوا غير ناظرين، حتى يكون الحال قد أخر بعد إلا، وإنما أراد أنه حال من لا
تدخلوا؛ لأنه مفرغ، فإن قلت: قولهم: لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان، هل هو متفق عليه؟ قلت: قال أبو حيان: من النحويين من أجازه، فأجازوا ما أخذ أحد إلا زيد درهما، قال: وضعفه الأخفش والفارسى، واختلفا فى إصلاحها فتصحيحها عند الأخفش أن يقدم المرفوع، فنقول: ما أخذ أحد زيد إلا درهما. قال: وهو موافق لما ذهب إليه ابن السراج وابن مالك من أن حرف الاستثناء إنما يستثنى به واحد، وتصحيحها عند الفارسى أن تزيد منصوبا قبل إلا، فتقول: ما أخذ أحد شيئا إلا زيد درهما. قال أبو حيان: لم يزد تخريجه لهذا البدل فيهما، كما ذهب إليه ابن السراج، أو على أن يجعل أحدهما بدلا والآخر معمول عامل مضمر، كما اختاره ابن مالك والظاهر من قول ابن مالك، خلافا لقوم أنه يعود إلى قوله: لا بدلا فلم ينقل خلافا فى صحة التركيب، والخلاف كما ذكرته موجود فى صحة التركيب، منهم من قال: تركيب صحيح لا يحتاج إلى تخريج. انتهى. وحاصله أن غير الفارسى والأخفش يجوز هذا التركيب، وهم بين قائل: هما بدلان كابن السراج، وقائل: أحدهما بدل كابن مالك، فليس فيهم من يقول: هما مستثنيان بأداة واحدة، ولا نقل ذلك أبو حيان عن أحد، وقوله أولا: إن من النحويين من أجازه محمول على التركيب لا على معنى الاستثناء، ولم يتلخص لنا من كلام أحد النحاة ما يقتضى حصرين، وقال ابن الحاجب فى شرح المنظومة فى تقديم الفاعل: قولك: ما ضرب زيد إلا عمرا،